نقلا عن العدد الورقي
السويسري المخضرم ورئيس لجنة الحكام بـ"فيفا" لـ"الوطن": لديكم حكام جيدون ينقصهم التطوير.. .. و"أبوريدة" قادر على حماية قضاة الملاعب
الاعتماد على التكنولوجيا سيفسد متعة كرة القدم.. الأخطاء جزء من اللعبة.. وسوف تستمر دوماً إلا إذا أحضرنا إنساناً آلياً للتحكيم
يجب على الحكم قراءة الملعب وتوقع تصرفات اللاعبين.. وعليه أن يأكل ويشرب كرة قدم دائماً.. وعدم التفرقة بينه وبين اللاعب بداية النجاح
الاستثمار في المجال مهم جداً.. يجب منح الثقة للحكم في اتخاذ القرار حتى مع وجود حكم إضافي.. ويمكننا تقبل خطأ واحد فقط وسط 10 حالات.. وإذا زادت على ذلك فهناك مشكلة
الحكام الأفارقة تطوروا بشكل كبيرة بدليل مونديال الأندية.. وإعلان قائمة المونديال في ديسمبر لهذا السبب
اختيار الحكام يتم على طريقة المنتخبات الوطنية.. وهناك لجنة مختصة بالكشف عن الفساد في "فيفا"
تاريخ حافل يملكه السويسرى ماسيمو بوساكا الحكم الدولى السابق، ورئيس لجنة الحكام بالاتحاد الدولى لكرة القدم حالياً، جعله مرشحاً للحضور إلى مصر لإعطاء دورة تدريبية للحكام، فى ظل تراجع مستوى التحكيم وزيادة الأخطاء بشكل ملحوظ.
«الوطن» التقت «بوساكا»، وتحدث عن كيفية تطوير التحكيم، وفلسفة «فيفا» فى إعداد قضاة الملاعب، وطريقة اختيار الحكام فى كأس العالم، وتحدث عن رأيه فى الحكام المصريين وكيفية مواجهة ضغوط الأندية واللاعبين على الحكام، ورأيه فى استخدام التكنولوجيا لمساعدة الحكام، وضرب بنفسه مثلاً رداً على أزمة الخطأ الأخير لجهاد جريشة فى مباراة الزمالك مع مصر المقاصة، التى انتهت بفوز الفريق الفيومى بهدف نظيف، وتغاضى فيها «جريشة» عن احتساب ضربة جزاء واضحة للفريق الأبيض، وأمور أخرى داخل الحوار.
* ماذا قدمت للحكام المصريين خلال الدورة الأخيرة التى حاضرت فيها؟
- أجرينا تدريبات نظرية وأخرى عملية للحكام، وخرجت بانطباع جيد عن مستوى التحكيم فى مصر، بعدما رأيت جودة ممتازة للحكام بشكل عام.
* هل لاحظت أنهم يفتقدون لشىء ما خلال إدارتهم لأى مباراة؟
- كما هى العادة فى مجموعة من الحكام والحكام المساعدين يوجد اختلافات فى المستوى، فالبعض منهم لديه مهارات أساسية مثل اللاعبين الموهوبين بالفطرة، فليس جميع اللاعبين هم اللاعب رقم 10، بل هناك بعض لاعبين يجب العمل معهم أكثر من الآخرين لتنمية مهاراتهم، ونفس الشىء ينطبق على مجموعة الحكام، فهناك من لديه المهارة الطبيعية وآخرون منهم يجب أن تعمل معهم بشكل يومى لتعليمهم، وهو ما نقوم به سواء فى مصر أو أى بلد آخر، كذلك فى سويسرا بلدى أو أى بلد آخر متطور، ولهذا السبب من المهم الاستمرار فى العمل لتطوير الحكام يومياً.
* هل تتوقع تطور مستوى التحكيم المصرى؟
- أنا هنا فقط لإعطاء بعض المحاضرات والدروس، ولكن الأهم هو الاستمرار فى تعليم الحكام للوصول لأفضل شكل ممكن، فأنا لا أستطيع أن أتنبأ بمستقبل فريق ما غداً فهذا يعتمد على عمل المدرب، ويعتمد على استثمار النادى ونفس الشىء ينطبق على الحكام.
* ماذا عن الحكام فى مصر؟
- شاهدت مجموعة جيدة من الحكام لديهم قدرات ليصبحوا حكام نخبة والوصول لأعلى المستويات، ولكن لا أستطيع أن أقول بشكل واضح ماذا سيحدث فى المستقبل، فهذا يعتمد على طريقة عملك وتضحياتك وتفانيك فى العمل، كما هو الحال فى أى وظيفة.
* ماذا تعنى بالاستثمار؟
- كل فرد يجب أن يستثمر فى كل يوم وقته من أجل التطور وتحقيق النتائج.
* هل يمكنك تصنيف الحكام الأفارقة فى أى مستوى بين حكام العالم حالياً؟
- لا يوجد تصنيف نتحدث بشكل عام فى جميع أنحاء العالم لا تستطيع أن تقول هؤلاء أوروبيون وأفارقة أو من أمريكا الجنوبية، التحكيم هو التحكيم، واللاعب هو نفس اللاعب وكرة القدم هى نفسها والاستعدادات هى الاستعدادات.
* إذاً لماذا هناك حكم مميز وآخر أقل فى المستوى؟
- هذا يعود لخصائص الحكم ومدى فهمه لكرة القدم وقدرته على قراءة المباريات والتوقع والتواصل وهذه هى خصائص كل حكم فى جميع بلدان العالم، وهذا ما نعلمه للحكام، ألا وهو محاولة فهم كرة القدم والعيش على وقائعها ومشاهدتها ومحاولة التفسير الصحيح لما تراه بعينيك فى المباريات.
* كيف يستعد الحكم للمباريات؟
- يجب مشاهدة المباريات بعناية والتدقيق فى خصائص الفريق وطريقة لعبه وكيف يجهز المدرب للمباراة هل يعتمد على الهجوم أو الدفاع، مثل الفرق بالضبط، حتى يستطيع أن يتخذ المكان الصحيح لاتخاذ قرارات مناسبة، لأن الحكم اليوم يجب أن يوجد فى المكان المناسب وفى التوقيت الصحيح واتخاذ زاوية رؤية صحيحة، وهذا ما على الحكم فعله يومياً وليس قبل المباراة مباشرة، أن يكون متداخلاً فى المباراة، عليه أن يأكل ويشرب كرة قدم.
* هل من إعداد معين يجب أن يقوم به قبل المباراة؟
- متابعة ما سيتغير يوم قبل المباراة مباشرة، عليه فى ذلك اليوم أن يهتم بأكله وشربه بشكل صحيح، وليس فقط قبل يوم من المباراة هو المهم، كل يوم مهم فى عملنا، فاللاعبون يستعدون للمباراة والحكم أيضاً يجب أن يستعد للمباراة.
* ولكن الحكم لدينا لا ينال نفس مستوى إعداد اللاعبين؟
- لو كنت تريد نفس المستوى بين الحكام واللاعبين والوصول إلى كرة قدم ناجحة، فعليك عدم التفريق بين اللاعب والحكم فى أى إعداد سواء فى التنقل والوصول للملعب، ويجب دعم الحكم كما تدعمون اللاعب لأنه لن يكون هناك مستوى جيد للحكام دون دعم.
* ماذا عن الأخطاء الكارثية للحكام؟
- الأخطاء جزء من حياتنا، لا نستطيع أن ندعى الكمال، والأهم هو محاولة التقليل من الأخطاء.
* لكن البعض يفترض أن الحكم يجب ألا يخطئ؟
- لماذا؟ فاللاعب يرتكب الأخطاء رغم أنه يتدرب بكل قوته وأقصى طاقته خلال أيام الأسبوع، ويتحصل على أموال كثيرة، ولكن اللاعب لا يزال يرتكب الأخطاء ويهدر فرص أهداف محققة، لماذا؟ لأنه إنسان والرياضة يمارسها إنسان.
* إذاً أنت تفتح الباب أمام الحكام للخطأ؟
- لا، ولكن الخطأ يجب أن يكون فى حدود، بمعنى أنه فى عشر حالات مهمة نستطيع أن نتقبل خطأً لمرة واحدة ولكن لو أن الأخطاء فى تزايد، هنا ندرك أن هناك مشكلة، ويجب علاجها بالتدريب، ولكن الخطأ جزء من حياتنا.
* هل لوسائل التكنولوجيا الحديثة دور فى تقليل الأخطاء؟
- سواء كان هناك تكنولوجيا أو لا، أو تم تعيين حكام مساعدين إضافيين، أياً كان من عوامل مساعدة، الأخطاء ستبقى فهى جزء من حياتنا، وإذا كنا لا نريدها فلنضع إنساناً آلياً فى الملعب ونقول له عليك اتخاذ القرارات، وبالتالى ستفسد متعة كرة القدم.
* معنى هذا أنك ترفض استخدام التكنولوجيا فى التحكيم؟
- لا، لكن يجب اتخاذ القرار من الحكم دائماً حتى مع وجود التكنولوجيا، فمثلاً أنت هنا ومعك كاميرا ولكن أنت الذى تسألنى وليست الكاميرا، الأمر متعلق بك أنت، وهذا نفسه يحدث فى الملعب، يجب أن يستمر الحكم أن يكون الأول فى اتخاذ القرار، ولا ينتظر الإجابة من الخارج سواء كانت من الحكام الإضافيين أو التكنولوجيا، ومن ثم إذا ما كان هناك خطأ فادح فسيخبرك شخص ما بذلك.
* البعض يطالب بتطبيق التكنولوجيا والاعتماد عليها بشكل كامل لتفادى الأخطاء؟
- إذا قمنا بذلك فسنقضى على كرة القدم والحكام، ولهذا يجب أن نستمر فى استثمار الأموال لتطوير الحكام وعدم الاعتماد على التكنولوجيا والحكام الإضافيين بل على الحكام والركض والتوقع وأخذ القرار، ومن ثم لو نستطيع تقديم مساعدة فى المستقبل فمرحباً بها لتقليل الأخطاء وليس للقضاء على الأخطاء بل لتقليلها.
* لدينا حالة هنا فى مصر تعرض بعدها الحكم جهاد جريشة للهجوم نتيجة خطأ، ما رأيك؟
- أستطيع إعطاءك تجربتى الشخصية على سبيل المثال فلقد كنت من حكام النخبة وقدمت أداء ممتازاً فى الكثير من المباريات خلال مسيرتى الاحترافية، لكننى ارتكبت أخطاء واضحة أيضاً، وفى إحدى المرات احتسبت ركلة جزاء رغم أن المخالفة كانت على بعد متر من منطقة الجزاء، هذه حقيقة، ارتكبت أخطاء أيضاً ولكن بالطبع لم أرتكب الكثير منها، عندما يكون خطأً واحداً فى عشر حالات يجب علينا تقبله، ولكن استمراره هو المشكلة وكما قلت لك يجب علينا احترام حكام النخبة لأنهم يأخذون قرارات صحيحة فى العديد من الحالات ويرتكبون خطأ فى مرة واحدة، وهذا علينا تقبله.
* هل علمت بحالة جهاد جريشة؟
- أود التحدث بشكل عام وليس على حالة محددة، ولا أريد التطرق لفريق أو حكم معين، أنا أتحدث بشكل عام، وفى العموم إذا كان لا يوجد أخطاء كثيرة يتوجب علينا قبول هذا الأمر، وإذا كان الخطأ يتكرر فى كل أسبوع عندها تكون هناك مشكلة.
* ماذا يفعل الحكام المصريون فى حالة الهجوم الكبير من الأندية ومسئوليها؟
- أعتقد أن الاتحاد المصرى لكرة القدم لديه رئيس قوى هو هانى أبوريدة، أعتقد أنه تدخل بالفعل ويعمل لدعم الحكام أيضاً، وهو يعرف ماذا يفعل لإيقاف مسئولى الأندية والدفاع عن الحكام، وأنا متأكد أن هذا الرئيس يستطيع إيجاد الحلول الصحيحة لإقناع الأندية بأن الحكم إنسان وبإمكانه ارتكاب الأخطاء.
* هل حدث تطور فى مستوى الحكام الأفارقة؟
- بالطبع يوجد حالياً فى الاتحاد الأفريقى حكام جيدون، وفى خلال الست سنوات التى عملت فيها مع الاتحاد الدولى لكرة القدم شاهدت تطوراً كبيراً، وخاصة فى مدى فهم كرة القدم والتمركز، وأبسط مثال أن حكماً من الاتحاد الأفريقى أدار نهائى كأس العالم للأندية فى اليابان العام الماضى بعد سنوات عديدة من الغياب عن تلك الأحداث، فالحكام الأفارقة حقاً يتطورون كثيراً لأن هناك مشروعاً يتم العمل عليه.
* هل يستطيعون الاستمرار فى نفس المستوى؟
- هذا يعتمد عليهم حالياً، لو استمروا على هذا الأداء يستطيعون المشاركة فى مباريات ينظمها الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» (يقصد كأس العالم)، وإذا لم يستمروا فستكون هناك مشكلة كما هو الحال فى الفرق واللاعبين، لأن الذهاب إلى كأس العالم ليس هدية بل يجب أن تستحق ذلك، لأن المستويات العليا تكون فقط للنخبة وليس للناس العادية، ونحن نبحث عن الجودة والنتائج وليس عن أسماء ووجوه بل نحتاج للجودة فقط.
* أفهم من حديثك أنك استقررت على قائمة للحكام لكأس العالم؟
- أود التحدث بشكل عام فيما يتعلق بمجموعة الحكام، ولكن لا أرغب فى الحديث عن الأسماء، نحن نعرف الأسماء الموجودة فى أعلى التصنيف.
* هل من ضمنهم جهاد جريشة؟
- لا يمكننى الحديث عن الأسماء، فهى معروفة للجميع، وأستطيع فقط التحدث عن المشروع، وبشكل عام لدينا حكام نخبة فى مجموعتنا لأنهم فى القمة حالياً، ولدينا مرشحون، وهناك حكم مصرى من ضمن المرشحين السبعة من قبل الاتحاد الأفريقى، وهو فى أعلى المستويات مثل الحكام الستة الآخرين.
* ما المشروع الذى يقدمه فيفا للحكام؟
- فلسفتنا تقوم على إجراء أكثر من 250 دورة فى جميع أنحاء العالم، ونتحرك لمتابعة الحكام فى البطولات الكبرى، وعلى سبيل المثال لقد كنت فى الجابون لمتابعة كأس الأمم الأفريقية من أجل مشاهدة أداء الحكام، هذا هو المشروع، بسيط جداً، نشاهد الحكام فى الملعب، بالضبط كما يحدث فى المنتخبات الوطنية، فمصر مثلاً لديها لاعبون فى كل مكان فى العالم، محمد صلاح فى فريق روما وآخرون فى فرق أخرى، المدرب يقوم بإرسال مساعده لمشاهدة أداء هؤلاء اللاعبين ونحن نقوم بنفس الدور.
* متى يتم الإعلان عن قائمة حكام المونديال؟
- فى ديسمبر المقبل.
* لماذا التأخير فى الإعلان عنهم؟
- لأنه ربما سيكون لدينا مشروع حكام الفيديو المساعدين أيضاً، ويمكن أن نأخذ عدداً أكثر من الحكام، يجب أن نرى فى ديسمبر كم عدد الحكام المرشحين، وسيكون ذلك حسب مستوى الحكام والنتائج.
* ما النصيحة التى وجهتها للحكام المصريين؟
- عليكم التضحية والتفانى فى العمل بجد، والعمل على تطوير أنفسهم لأن الحكم حالياً يحتاج لفهم كرة القدم وقراءة المباريات وهذا هو المستقبل بالنسبة لى.
* أيهما تفضل، الاعتماد على حكم الفيديو أو حكم خط المرمى؟
- أعتقد أن كليهما جيد، فالتكنولوجيا لا تزال فى مرحلة التجربة حتى هذه اللحظة، ولا نعرف بالضبط إذا كانت ستعمل أم لا، أما الحكام الإضافيون فموجودون منذ سنوات، ويمكنهم مساعدة الحكم لوجود عيون أخرى، ولكن بشرط أن يكونوا حكاماً على مستوى عالٍ وليس حكاماً عاديين، لأن الحكم العادى ربما يخاف أثناء اتخاذ القرار.
* هل هناك فساد فى التحكيم بعد استبعاد «لامبتى»؟
- الفساد ليس قضيتى، وهناك لجنة تتعلق بالتحقيق فى تلك القضايا، أنا أتحدث فقط عن أداء وإعداد الحكام.
تعليقات الفيسبوك