رئيس مجلس الادارة:

د.محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

"نجار وعامل نظافة وبائع فول ومكوجي وحلواني" يحصدون لمصر برونزية الأولمبياد

11:59 ص | الأحد 06 أغسطس 2017
"نجار وعامل نظافة وبائع فول ومكوجي وحلواني" يحصدون لمصر برونزية الأولمبياد

منتخب الصم والبكم في ضيافة الوطن

نقلا عن العدد الورقي

«الوطن» تكرم منتخب الصم والبكم لكرة القدم وتستمع لهموم ومشكلات لاعبيه فى ندوة خاصة

«نجار مسلح وعامل نظافة وبائع فول وطعمية ومكوجى وحلوانى» يتفوقون على الأصحاء ويحصدون لمصر برونزية الأولمبياد

لسنا أمام فيلم «4/2/4» الذى قرر فيه العبقرى أمين الهنيدى تكوين فريق لكرة القدم من عمال المصنع الذى يمتلكه، ويمنح ابنه منصور «يونس شلبى» حق إدارته، نحن أمام واقع، وقصة حقيقية أبطالها مجموعة من شباب مصر تفوقوا على الأصحاء فى مجال كرة القدم، وحققوا تحت اسم «منتخب مصر للصم والبكم»، بالكفاح وتحدى المعاناة وأقل الإمكانيات المادية، إنجازاً تاريخياً بالفوز بالميدالية البرونزية للأولمبياد الخاص، الذى أقيم فى تركيا الشهر الماضى.

أبطال مصر من الصم والبكم منهم من لا يعمل، ومنهم نجار مسلح، وعامل نظافة، وبائع فول وطعمية، ومكوجى، وحلوانى، كلهم كانوا أقوى من كل التحديات التى قابلتهم بحثاً عن وضع بلادهم على منصة التتويج وسط تحديات البحث عن لقمة العيش، والتى أجبرت بعضهم على ترك معسكر الفريق للعمل فى محل حلوى أو غيره لتوفير القوت اليومى لأسرهم.

«الوطن» التقت الأبطال الحقيقيين، اللاعبين بالكامل، ومدير الكرة طارق النجار، والمدير الفنى توفيق صقر، وشوكت النجار المدرب العام، وكامل البهنساوى المدرب، وهشام سليمان مدرب حراس المرمى، والمدير الإدارى أحمد صديق، بالإضافة إلى عضو اللجنة الفنية للصم ياسر حسن، وكرمتهم فى ندوة خاصة، ومنحتهم الفرصة بالكلام وبلغة الإشارة للتعبير عن شكواهم وشرح الظروف الصعبة التى يمرون بها، ومطالبهم البسيطة للسير فى طريق الإنجازات وعيش حياة كريمة داخل وطنهم.

أدار الندوة: إيهاب الخطيب

ترجمة لغة الإشارة: كرم المعداوى

 

توفيق صقر: مستوى اللاعبين يصلح للمنتخب الأول.. وثالث هدافى العالم ترك المعسكر للعمل «بائع حلوى»

أعرب توفيق صقر، المدير الفنى للفريق، عن سعادته بتحقيق هذا الإنجاز، خلال تجربته الجديدة مع الفريق، وأشار إلى أنه تم ترشيحه من قبل مدير الكرة طارق النجار، وظل لفترة متردداً فى قبول المهمة، خاصة مع عدم وجود أى تجارب سابقة فى التعامل مع الصم والبكم، وقال «قبلت المهمة لأنى أحب التحديات، ومع أول تدريب فوجئت بمستوى اللاعبين، وقوة استيعابهم للفنيات والتعليمات، ووجدت مستواهم الفنى، يصلح للعب فى منتخب مصر الأول».

وأضاف: «لقد جمعنا كل اللاعبين من كل محافظات مصر، وبعد تكوين الهيكل الأساسى للمنتخب، صممت على خوض معسكر مغلق لمدة ثلاثة أشهر، ولم يتحصل اللاعبون على إجازة سوى فى عيد الفطر الماضى، وبحثنا لمدة طويلة عن مباريات ودية، لأن الدورى كان قد انتهى، وخلال المعسكر اكتسبت الثقة من اللاعبين، شعرت بإصرارهم على حصد ميدالية لمصر، وكان العائق الوحيد أمامى هو التعود على فرق اللغة، ولكن بعد فترة تعودت على التعامل معهم».

وأشار «صقر» إلى أنهم خلال البطولة حققوا مكاسب كبيرة، وتحديداً على المنتخب الألمانى والإيطالى، حيث خاضوا 6 مباريات، فازوا فى 4 وخسروا من منتخبين، وأن سبب ضياع الميدالية الذهبية تراجع المستوى غير المبرر أمام المنتخب الأوكرانى، واعترف بالفشل فى إعداد الفريق نفسياً قبل خوض المباراة فظهر الخوف على الجميع طيلة اللقاء، بالإضافة إلى مباراة تركيا، التى شهدت حضوراً جماهيرياً غير مسبوق، وشعروا وكأنهم يلعبون فى كأس العالم بحضور أكثر من 20 ألف متفرج، وهذه الأجواء لم يعتد عليها الفريق بسبب عدم الاهتمام به فى مصر.

وطالب «صقر» بضرورة توفير أبسط ظروف الحياة الكريمة للاعبين، وضرورة المساواة باللاعبين فى المنتخبات الأخرى، من حيث المقابل المادى، وقال «المنتخب التركى كان معنا وكل لاعب به يتقاضى 8000 ليرة تركى فى الشهر، أى ما يعادل 40 ألف جنيه مصرى»، واختتم حديثه قائلاً: «لا أنسى عندما ترك مصطفى عبدالرحمن، ثالث هدافى البطولة، المعسكر من أجل العودة لعمله كبائع حلويات بعد تهديد صاحب المحل بطرده، ولم أتمكن أن أوقفه أو أعاقبه، لأن أولاده يحتاجون للمصاريف لكى يعيشوا، ولكنى ذهبت إلى صاحب المحل وأقنعته بترك مصطفى من أجل العودة للمنتخب».

 

«صديق»: تعيين اللاعبين فى الحكومة واجب لإنقاذ مستقبلهم

أعرب أحمد صديق، المدير الإدارى للمنتخب، عن شعوره بالفخر بعد وصول بعثة المنتخب إلى تركيا، لما تملكه من شعبية قوية هناك، مؤكداً أنه فوجئ خلال مباريات الفراعنة بتشجيع كبير من الأتراك للفريق طوال مشوارهم فى البطولة، وأن التتويج نتاج لمجهوداتهم الكبيرة بمعسكر الإعداد والبطولة، حيث أجبروا الجماهير على احترامهم وتشجيعهم.

وأبدى «صديق» سعادته بالتكريم الذى تحظى به البعثة حالياً، بعد تحقيق الإنجاز، متمنياً ألا يتم نسيان الإنجاز الذى حققوه، كما حدث عام 2015، عندما كرمتهم الدولة والوزير العامرى فاروق، وبعدها تم تجاهلهم تماماً مطالباً الدولة بضرورة تعيين كل لاعبى الفريق فى الوزارات الحكومية، من أجل إنقاذ مستقبلهم وعائلاتهم، وقال: «أغلب اللاعبين فى المنتخب المصرى، بدون أى وظيفة، ويعانون مادياً، ومن يعمل منهم، يكون فى أحد الأعمال التى لا ترتقى لمستواهم».

وتعجب من مهنة طارق حمد حسن، أفضل لاعب فى العالم عام 2015، حيث يعمل كعامل نظافة فى المحافظة بيومية قيمتها 20 جنيهاً، وقال: «أغلب اللاعبين لديهم أسر، ولا يستطيعون الإنفاق على أسرهم، وكل الشركات ترفض توظيفهم، أليسوا هم الأحق بنسبة الـ5% الخاصة بتوظيف المعاقين».

كما طالب «صديق»، الدولة، متمثلة فى وزير الرياضة واللجنة البارالمبية، بسرعة إنقاذ اللعبة فى مصر، عن طريق توفير مصدر دخل دائم للاعبين، وبضرورة الاهتمام بدورى الصم والبكم، الذى يلعب به أكثر من 60 فريقاً فى الدرجتين الأولى والثانية، حيث يلعب فى الدرجة الأولى 16 فريقاً على مجموعتين، كل مجموعة 8 فرق، ويتم لعب دور قبل النهائى والنهائى، ويديرها تحكيمياً حكام الدرجة الأولى، وشدد على أن الدولة تملك إمكانيات لعمل دورى قوى، مثلما هو الحال مع دورى مراكز الشباب الذى يذاع تليفزيونياً أيضاً، متمنياً وجود اهتمام إعلامى، من أجل التعرف على قدرات اللاعبين الحقيقية.

 

شوكت النجار: نتمنى مقابلة رئيس الجمهورية.. وهل يدرك وزير الرياضة حجم الظلم؟

تمنى شوكت النجار، المدرب العام للفريق، وقائد الفريق السابق لمدة 20 عاماً، مقابلة رئيس الجمهورية، الرئيس عبدالفتاح السيسى، من أجل عرض مسيرة منتخب مصر للصم والبكم لمدة 25 عاماً التى عاشها مع الفريق من أجل وجود حل نهائى لمشاكلهم، وأن يقول له «مبروك يا ريس إحنا حققنا المركز الثانى فى كأس العالم والميدالية البرونزية فى الأولمبياد».

وقال: «ما يحدث عندما نحقق أى إنجاز، مجموعة من الحفلات والتكريم دون حل جذرى لمشاكل الفريق، نحن رفعنا علم مصر، فى كل البطولات التى شاركنا بها، فكيف لا يستقبلنا أى مسئول لحظة وصولنا إلى مطار القاهرة». وعاب النجار على وسائل الإعلام التى لم تبرز إنجازهم، وتسببت فى غياب الجماهير عن استقبالهم لحظة وصولهم المطار، وتعجب قائلاً: «هل سنكون أغراباً داخل بلدنا، فمصر يوجد بها 5 ملايين أصم، أين كانوا، ولماذا لا يستقبلنا رئيس الجمهورية، مثلما حدث مع منتخب مصر، الذى حصل على المركز الثانى فى كأس الأمم الأفريقية».

وتابع: «طوال رحلتنا فى الطائرة كان محل نقاشهم كم ستكون أعداد الجماهير فى انتظارهم بالمطار، وهل سيوجد رئيس الجمهورية أم وزير الرياضة وكل تلك الأحلام لم تحدث»، مشيراً إلى أن الإحباط زاد داخل الفريق، ويجب أن يتم تعديل القانون من أجل مراعاة الرياضيين المظلومين فى مصر حالياً، وأن الكرة فى مصر ليست منتخب مصر للأصحاء فقط، وتساءل قائلاً: «هل فكر وزير الرياضة فى شعور البطل بالظلم، وهو عائد إلى أسرته ولا يملك أى أموال من أجل شراء هدية لأولاده، هذا شعور صعب جداً، الحقيقة إننا نعانى من تهميش كبير».

 

طارق النجار: وزارة الرياضة «فاصلت» معنا فى البدلات.. واتحاد الكرة ينفق الملايين على منتخبات فاشلة ويتجاهلنا

أكد طارق النجار، مدير الكرة بمنتخب الصم والبكم، ورئيس البعثة، أن فوز الفريق بالميدالية البرونزية لم يكن مفاجأة، لأن المنتخب الوطنى فريق مصنف عالمياً، وتخشاه كل المنتخبات الأخرى، ووعد الجماهير بأنه فى حال استمرارهم فى القيادة الفنية للفريق، سنحصل على الميدالية الذهبية، فى النسخة المقبلة من البطولة.

وطالب «النجار» بتدعيم الفريق، وقال: «الفريق لا يوجد له أى دخل مادى، ولا يوجد راعٍ له على خلاف ما يشاع فى الفترة الأخيرة، وظهور إحدى الشركات التى تتباهى برعايتها للفريق».

وأشار إلى أن كل ما تحصّل عليه الفريق 100 ألف جنيه كتبرع من أحد رجال الأعمال المصريين، وتابع: «الفريق يعانى معاناة حقيقية، فأكثر لاعب دخلاً فى الفريق يتحصل على 900 جنيه شهرياً، فيما يحصل اللاعب الدولى على 40 جنيهاً يومياً، والمحلى الذى ينضم خلال المعسكر يتقاضى 30 جنيهاً، ومن المؤكد أنه لا يوجد لاعب فى العالم يتقاضى المبلغ الذى يحصل عليه لاعب مصر للصم والبكم، هو مطالب بتحقيق بطولة فى الوقت الذى ينفق فيه على نفسه وعلى أسرته، هذه مأساة حقيقية، الإنجاز الحقيقى ليس تحقيق المركز الثالث والميدالية البرونزية، ولكن تحمل كل هذه الصعاب والظروف المادية الصعبة، هو الإنجاز الحقيقى».

وأضاف «النجار»: «الفريق قبل السفر اصطدم بظروف غير طبيعية، كان أولها طلب اللجنة البارالمبية، اصطحاب 18 لاعباً فقط فى البعثة، وهو ما تم رفضه تماماً، لأنه فى حال إصابة أو طرد أى لاعب، سيكون الفريق ناقص العدد خلال المباريات، وفى النهاية وافقت اللجنة على اصطحاب 23 لاعباً، وفوجئنا بصرف 20 دولاراً كمصروف جيب يومى خلال أيام البطولة حسب لائحة وزارة الرياضة، ويتم خصم ضرائب منها، لتصل إلى 17 دولاراً يومياً، وأغلب اللاعبين يحاولون الادخار منها لمساعدة عائلاتهم».

وشدد على أن أغلب أعضاء الجهاز الفنى كانوا يدعمون اللاعبين الذين يجيدون خلال المباريات، عن طريق منحهم المكافآت الخاصة بالجهاز، مشدداً على عدم وجود أى تواصل معهم من جانب اتحاد الكرة المصرى، وكأنهم يلعبون رياضة أخرى غير كرة القدم، وقال: «اتحاد الكرة ينفق الملايين على فرق لا تحقق أى بطولات أو إنجازات على الصعيد الدولى، فى حين أن المنتخب المصرى للصم فريق مصنف دولياً، وتخشاه كل فرق العالم».

وعن دور اللجنة البارالمبية مع الفريق، أكد أنهم لم يقصروا مع الفريق نهائياً، لكن الإمكانيات المتاحة محدودة جداً، لا تسمح بالصرف على لاعب أولمبى، وأن وزارة الرياضة دعمت الفريق بشكل مقبول، ولكن قبل البطولة بدأت الوزارة «تفاصل» معنا فى البدلات، وقال غاضباً: «لم يتم توفير ملابس للفريق قبل البطولة ولولا تبرع أحد رجال الأعمال بـ100 ألف جنيه لكنا ظهرنا بشكل سيئ بين المنتخبات الأخرى».

وتابع: «أصعب لحظات البطولة، عندما سألنى اللاعبون عن قيمة المكافآت المالية، ولم أستطع الرد عليهم، لأنه لا توجد لائحة مالية للفريق، ووزير الرياضة وعدنا بوجود لائحة بعد إقرار قانون الرياضة الجديد، ولكن لم يحدث أى شىء، وقبل السفر إلى تركيا، ظللت أتسول أى مداخلة تليفزيونية من أجل عرض مشاكل الفريق، ولكن لم يستجِب لى أحد».

 

طارق الجزار: أنا زى رونالدو وميسى.. وطلبت «كشك» فوظفونى عامل نظافة

بلغة الإشارة، أبدى طارق الجزار، لاعب المنتخب الوطنى، الحاصل على لقب أفضل لاعبى العالم عام 2015، سعادته بالميدالية، وشدد على أنه لاعب معروف عالمياً، أكثر من مصر لدرجة أنه من لحظة وصول البعثة للمشاركة فى الحدث وجد بعض المهتمين باللعبة يطلبون التقاط الصور التذكارية معه، وقال: «أنا زى البرتغالى كريستيانو رونالدو والأرجنتينى ليونيل ميسى، الذين حصلوا على لقب الأفضل فى العالم».

وقال «الجزار»: «نمتلك لاعبين عالميين فى الفريق، وأبرزهم محمد عبدالرحمن ومحمد عبده ومحمد محمود، الذين احترفوا فى أكبر الفرق الأوروبية، مثل باوك اليونانى، الحاصل على لقب دورى أبطال أوروبا وديبورتيفو لاكورونيا الإسبانى، وكان كل لاعب فيهم يتقاضى نحو 200 دولار فى المباراة، ولكن مع نهاية البطولة يعودون مجدداً إلى مصر».

وأضاف: «بعد كأس العالم عام 2015، سألنى وزير الرياضة ما طلباتك، فقلت له أحلم بكشك فى الشارع، ولكن لم يصلنى الرد، وفوجئت بتوظيفى فى المحافظة كعامل نظافة، مقابل 400 جنيه فى الشهر، يتم خصم 50 جنيهاً منها كضرائب وبدلات».

 

سعيد أنور: نحن أبطال ولنا حقوق ومطالب من الدولة

أكد سعيد أنور، قائد الفريق، أنهم عانوا كثيراً من أجل الحصول على ميدالية فى البطولة، من أجل إسعاد كل الجماهير المصرية، وتكرار إنجازات الفريق خلال السنوات الماضية، تحديداً منذ عام 2013.

وقال: «نحن أبطال ولنا حقوق على الدولة، ولا يصح التجاهل الكبير الذى نعانيه من قبل المسئولين، فليس لدينا أموال فى البنوك، ولا نتقاضى الملايين مثل لاعبى الدورى، نحقق إنجازات أكثر منهم بكثير ونشرف مصر فى كل المحافل الدولية التى نشارك فيها، كفى تجاهلاً لنا»، واستطرد قائلاً: «بكى بعضنا عندما شاهدوا اهتمام الدول بالبعثات الأخرى حيث يوفرون لهم كل سبل الراحة، من أجل الفوز بالمباريات، ورغم كل ذلك نفوز عليهم».

 

مهن شاقة للاعبين خارج الملعب:

- طارق الجزار: عامل نظافة

- أحمد منصور: بائع فول وطعمية

- محمد طه: نجار

- محمد عبدالحميد: عامل نظافة

- إسلام أحمد: نقاش

- محمد عبده هلال: مكوجى

- مصطفى عبدالرحمن: حلوانى

- باقى اللاعبين: دون مهن أو وظيفة.