رئيس مجلس الادارة:

د.محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

فتيات يتحدين "العادات والممنوع" ويفرضن أنفسهن على الرياضة المصرية

10:17 ص | الخميس 01 ديسمبر 2016
فتيات يتحدين "العادات والممنوع" ويفرضن أنفسهن على الرياضة المصرية

فتيات مصر يمارسن كرة القدم الأمريكية

يمارسن كرة القدم الأمريكية وشكلن أول فريق للعبة فى مصر والشرق الأوسط

انطلاق أول دورى للعبة فى التجمع الخامس.. وزارة الرياضة ترفض الاعتراف بوجودها.. والاتحاد الدولى يمنحهن الأمل والصفة الرسمية

عضو الائتلاف المصرى للعبة: مشكلتنا فى عدم وجود الدعم.. "هايدى": أحلامنا كبيرة.. و"مريم": نسعى لتشكيل منتخب وطنى.. ومدير فنى: ننتشر بسرعة ونصرف على أنفسنا

 

 

كرة القدم الأمريكية، تجربة جديدة على الرياضة المصرية، بطلاتها مجموعة من الفتيات جمعهن حب اللعبة، وتحدين "الممنوع" من عادات وتقاليد مصرية، لاعبات قررن خوض منافسات اللعبة العنيفة، والإقدام على تأسيس أول فريق نسائي فى مصر والشرق الأوسط.

"القدم الأمريكية" دخلت لأول مرة مصر عام 2007، بفريق رجال شكله بعض اللاعبين المصريين المحترفين فى الدوري الأمريكي بعد العودة إلى بلادهم، هدفهم كان نشر اللعبة، وبدأت معالم الفريق مطلع العام نفسه، وظلت الفكرة تنتشر حتى وصل عدد اللاعبين الذين يمارسونها إلى 200 لاعب فى ثلاثة أندية.

وظلت كرة القدم الأمريكية تمارس كهواية، حتى عام 2009، حيث قرر نادي وادى دجلة وقتها تبنى اللعبة، قبل أن يعود ويجمد النشاط عام 2012، وبعد فترة من التوقف عادت اللعبة للظهور مرة أخرى بقرار من بعض اللاعبين بإنشاء أول اتحاد لكرة القدم الأمريكية فى مصر وذلك عام 2014، وأطلقوا علية "الائتلاف المصري لكرة القدم الأمريكية".

ويروى مايكل عقاد، مدير العلاقات العامة بالائتلاف المصري لكرة القدم، قصة أول بطولة، مؤكداً أنه فى عام 2015 تم تنظيم أول بطولة دوري لكرة القدم الأمريكية فى مصر بمشاركة 6 فرق، وفاز بها فريق "إيجيلز"، فى المباراة النهائية أمام "هيل هاوندز"، وشهدت المباراة حضوراً جماهيرياً كبيراً، وكان بين الجماهير كثير من السيدات انبهرن باللعبة، وطلبن من الائتلاف الإسراع فى إنشاء دوري للسيدات.

من هنا كما يقص "مايكل" بدأت خطوات تأسيس أول فريق نسائي فى مصر والشرق الأوسط، وكان ذلك في شهر أكتوبر عام 2015، على يد إثنين من لاعبي فريق "بينك واريرز" رجال، حيث ضم الفريق 14 لاعبة معظمهن من أقارب ومعارف اللاعبين الرجال، وعن طريق الدعاية على صفحات "فيس بوك" ارتفع عدد أعضاء الفريق إلى 30 لاعبة، وتشجع آخرون لتشكيل فرق جديدة، والاستعداد لتأسيس أول دوري لكرة القدم الأمريكية للسيدات فى مصر.

وفي يناير من العام الحالي أعلن فريق "شي والفز" عن نفسه، وضم أيضاً عند تأسيسه 14 لاعبة أغلبهن من طالبات الجامعات، وبعد انتشار الفكرة قررت إحدى الجامعات الخاصة فى القاهرة تكوين فريق لها، وأطلقوا عليه "إيجيلز"، وبدأت الفرق الثلاثة الاستعداد للمباريات، عن طريق التدريبات الشاقة فى صالة الألعاب الرياضية، بجانب تدريبات فنية تحت إشراف المدربين، لينطلق الائتلاف المصري نحو إنشاء دوري كرة القدم الأمريكية للسيدات ويسبقه لقاء ودى بين فريقى "بينك واريرز" و"شى والفز"، فى شهر مايو الماضي، على ملعب المركز الأولمبي فى المعادي، انتهى بفوز «بينك واريرز»، بنتيجة 19/12.

ويشير مدير العلاقات العامة فى الائتلاف المصري لكرة القدم إلى التجهيز للدوري بعد وصول عدد اللاعبات فى الفرق الثلاثة إلى 100 لاعبة، وعلى أحد ملاعب التجمع الخامس انطلقت البطولة فى لحظة تاريخية بالنسبة للمرأة المصرية، واستكمالاً لدورها الريادي، أطلقت على هذه البطولة شعار "انطلقى بالوردى"، لدعم قضية مكافحة سرطان الثدى، وتأكيداً على دورهن فى دعم قضايا المرأة.

انطلقت البطولة بنظام "كرة العلم"، بدلاً من "كرة الالتحام" حيث يتم ربط "وسط" كل لاعبة بحزام به علم، فإذا استطاعت لاعبة الفريق الآخر شده، يتوقف اللعب وتجري محاولة أخرى وهي تقل فى العنف كثيراً عن ممارسة كرة الاحتكاك.

دوري كرة القدم الأمريكية فى مصر الحالي يجري على ثلاث جولات، ويوم الجمعة من كل أسبوع، حيث تلعب مباراتان، الأولى الساعة الثانية ظهراً، والثانية الساعة الرابعة عصراً، حيث يوجد فى الملعب 14 لاعبة للفريقين، ويحصل كل فريق على أربع محاولات لتسجيل هدف، بتخطى 10 ياردات ركضاً بالكرة.

ومن خلال معايشة "الوطن" للحدث أكد مايكل عقاد أن تنظيم هذه البطولة بمثابة تحقيق الحلم لكل من هو مهتم باللعبة، مشدداً على أنه منذ اليوم الأول الذى دخلت فيه كرة القدم الأمريكية مصر، كان هدفهم الوصول لتشكيل منتخبي الرجال والسيدات، مؤكداً أن فريق الرجال سبق السيدات فى النشأة، واستمروا فى استقطاب لاعبين جدد للعبة، حتى تمكنوا من تكوين 6 فرق، وانطلاق أول بطولة دوري العام الماضي.

وأضاف "مايكل" أنهم واجهوا صعوبات كثيرة من حيث التمويل، ولم يجدوا من يساندهم حتى عام 2009، حينما قرر نادى وادي دجلة رعاية اللعبة، قبل أن يقرر فجأة التوقف عن الرعاية، وإلغاء النشاط من النادي تماماً، ليعودوا لنقطة الصفر مرة أخرى، لكنهم لم ييأسوا، وتم الصرف على النشاط كاملاً من الجهود الذاتية وجيوب اللاعبين، مشيراً إلى أنهم استطاعوا عام 2014 تكوين الائتلاف، لتكتسب اللعبة الصفة الرسمية فى مصر، وليتمكنوا من إنشاء أول دوري رجال، ومن خلاله تم تكوين المنتخب المصري لكرة القدم الأمريكية، وشارك فى تصفيات كأس العالم عن قارة أفريقيا، فى مباراة واجهوا فيها المنتخب المغربي، على أحد ملاعب الجامعات الخاصة فى التجمع الخامس، وانتهى بفوز المنتخب المغربي وتأهله لكأس العالم.

وبالعودة لدوري السيدات، أكد "مايكل" أن اللعبة تعاني من عدم وجود أى دعم مادي، فالتمويل له مصدر واحد، وهو اشتراكات اللاعبين، وقال: "الملابس الخاصة باللعب، والملاعب مكلفة جداً، ونحتاج تدعيماً عن طريق الرعاة ووزارة الرياضة، حتى نستطيع استكمال المسيرة".

من جانبها، أكدت أول مديرة فنية لكرة القدم الأمريكية في مصر، هايدي رضا، أنها حققت حلم حياتها بتدريب فريق "بينك واريرز"، ونوهت بأن الفكرة جاءت بعرض من أحد مؤسسي الفريق وأنها لم تتردد فى قبول العرض، لكونها إحدى لاعبات "الراجبي"، القريبة جداً من كرة القدم الأمريكية، وأشارت إلى أنها احتاجت فقط لدراسة بعض القوانين المختلفة بين اللعبتين، حتى تستطيع الإلمام بكل قواعد اللعبة، وأن رحلتها مع الفريق منذ تأسيسه العام الماضى، وكان لها تأثير كبير على الفتيات الموجودات بسبب قربها منهن وأن أحلامهن مع اللعبة كبيرة.

وأشارت مريم الغزالي، إحدى مؤسسات فريق «بينك واريرز»، والتي تعمل فى سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة، إلى أنها كانت مدربة فى إحدى المؤسسات المهتمة ببرامج اللياقة البدنية، وعندما علمت بتأسيس الفريق من أحد أصدقائها، أسرعت للاشتراك لتحقيق رغبتها، وساعدتهم لضم أعضاء جدد للفريق، متمنية تشكيل أول منتخب سيدات، والاشتراك فى المحافل الدولية، حيث إنها ترى أن المستوى الذي وصلن إليه الآن يؤهلهن لذلك، وأشادت «مريم» بدور أسرتها فى تشجيعها على التطور فى المستوى.

ويؤكد زياد جعفر، المدير الفني لفريق "شى والفز"، أن اللعبة تنتشر بسرعة داخل مصر، معرباً عن سعادته بالتحدي الذى يجده عند اللاعبات، متمنياً نجاح أول دوري للسيدات، وحصول فريقه على لقب هذا الموسم، لتكليل مجهوداته معهن طوال السنة الماضية، ويشتكي "زياد" من قلة الدعم المالي، مشدداً على أنهم يعانون من عدم وجود مكان للتدريب عليه لتكلفة إيجار الملاعب الباهظة جداً، التي تزيد على ٢٠٠٠ جنيه في المران الواحد، في الوقت الذي يحتاج فيه الفريق إلى التدريب ثلاث مرات أسبوعياً، مشيراً إلى أن ما يزيد من الصعوبة بالنسبة لهم أنهم فريق مستقل، لا يتبع أي جامعة أو هيئة، وكل التكاليف يتحملها اللاعبون والمدربون، متمنياً أن تدعمهم الهيئات الرياضية ووزارة الرياضة، عن طريق توفير ملاعب للتدريب، وملعب مجهز للمباريات.

وأبرز "زياد" مجهودات الائتلاف لتطوير اللعبة، ومحاولاتهم لنشرها فى كل أنحاء مصر، مؤكداً أن ذلك يتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفى الجلسات الخاصة مع الأصدقاء، متمنياً أن يتعامل معهم الإعلام، والمجتمع بالكامل، على أنهم يمارسون رياضة جادة، ومحترفون وليسوا مجرد مجموعة من الهواة.

وعند قائدة الفريق، منة أسامة، الطالبة فى كلية الهندسة، اللعبة لها متعة خاصة، معربة عن سعادتها بانضمامها لـ"شى والفز"، والمشاركة في تأسيس الفريق، منوهة بأنها تمارس اللعبة منذ الصغر خارج مصر، وعند عودتها للوطن ظلت تبحث عن رياضة جديدة تمارسها، حتى وجدت ضالتها فى كرة القدم الأمريكية للسيدات، وأن الأمر فى البداية كان صدمة على أسرتها، ولكن بعد حضورهم للتدريبات، والتعرف على طبيعة اللعبة، وأنهن يلعبن بطريقة كرة العلم وليس الالتحام، تغير الحال، وأصبحوا يدعمونها جداً، وتمنت "منة" تحقيق اللقب الأول في تاريخ اللعبة هذا العام، حتى يخلد اسمها فى تاريخ المسابقة.

 

 

وكشف علي رفيق، رئيس الائتلاف المصرى لكرة القدم، عن خطة الائتلاف لتطوير النشاط فى مصر، عن طريق نشرها فى الأندية والمدارس، بحثاً عن زيادة عدد ممارسيها وشهرتها، مؤكداً أنه راضٍ تماماً عن المستوى الذى تقدمه فرق السيدات فى أول بطولة رسمية يشتركن بها، وأن الموسم المقبل سيشهد تنافساً كبيراً حيث سيزداد عدد الفرق المشتركة من ثلاثة فرق إلى ستة، حيث تجرى حالياً إجراءات إشهار 3 أندية أخرى غير تلك الموجودة فى المنافسة.

ويشير "رفيق" إلى أن وزارة الرياضة رفضت السماح بتأسيس اتحاد خاص بكرة القدم الأمريكية فى مصر، بسبب الشروط الصعبة المطلوبة للتأسيس ومنها وجود نشاط للعبة داخل الأندية الرياضية وهو أمر صعب تحقيقه لرفض أغلب الأندية، باستثناء وادى دجلة الذى وافق على مزاولتها بداخله فى ثلاثة فروع للنادى، قبل أن يقرر فجأة إيقاف النشاط، مؤكداً أن الوزارة أيضاً لا تدعمهم، وأنهم عقدوا أكثر من جلسة مع نائب وزير الرياضة السابق، أشرف صبحى، وتم وعدهم بتوفير ملاعب مجهزة للتدريب والمباريات مدعومة من الوزارة، ولكن لم يحدث أى شىء من ذلك حتى الآن، وأن الخطوة المهمة عندهم كانت مخاطبة الاتحاد الدولي، والحصول منه على اعتراف رسمى بالائتلاف ليتمكنوا من تمثيل مصر فى المحافل الدولية المختلفة.