رئيس مجلس الادارة:

د.محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

سامي عبد الراضي

سامي عبد الراضي

«مصر التى فى برج العرب»

نقلا عن العدد الورقي

يا جوامع كبّرى لـ«النصر» من فوق «الموادن» ليل نهار.. يا «كنايس» دقى أجراس الانتصار.. شكراً لـ«رب العالمين» الذى بسط يده وأرسلنا إلى روسيا.. إلى كأس العالم بعد مباراة عصيبة أمام منافس لا يريد شيئاً من الكرة إلا «مضايقتك».. شكراً لرب العالمين الذى «وهب» لنا هذا الشاب محمد صلاح.. شكراً وحمداً لله الذى «طبطب» على مصر وأعطى إذناً بـ«الفرحة».. فرحة لا نعيشها إلا قليلاً، بل نادراً.. فرحة تُوحّد الجميع وتضعهم فى حضن علم بلادهم ويهتفون.. ويبكون.. ويرقصون.. وينطلقون ويصافحون بعضهم.. دون أن يعرف بعضهم البعض.

هذه مصر التى تنهض بعد كل «إخفاق».. وتعلو عقب كل «طعنة».. وترقى بعد الشقاء والتعب والمعاناة.. هذه مصر التى يُلقى فيها «المعاق» عكازه ويجرى على «تراك برج العرب» بساق واحدة.. هذه مصر التى يسلم فيها «المعاق» عكازه للاعب محمود كهربا.. ويرقص بساق واحدة أمام سعد سمير.. «أحسن» واحد بيعرف «يرقص» فى المنتخب.. هذه مصر التى تبهر الجميع وتجبرهم أن يقولوا: «دولا المصريين».

فيديو مدته دقيقة لخّص «القصة» كاملة.. قصة مصر.. انكسارها ويأسها.. وإرادتها وعزيمتها.. ومُرّها وحلوها.. وقوتها وصبرها وفرحتها.. فيديو غاية فى الروعة سجلته «كاميرا أون تى فى» فى مباراة مصر والكونغو.. كاميرا كانت «مهمتها» أن تضع «عينها» على «الفتى» محمد صلاح.. صانع الفرحة وتاجر السعادة.. كانت الهجمة على منتخبنا فى الدقيقة 87.. وكان هو يتابع من بعد منتصف الملعب.. وفجأة وفى غفلة.. تعادلت الكونغو.. وتوقف الشاب فجأة.. وسقط على الأرض.. ثم دفن رأسه فى «نجيلة» برج العرب.. ظل ثوانى معدودة.. ثم نهض كـ«المارد» من جديد.. وأمسك بـ«الكرة».. وألقاها فى منتصف الملعب.. ثم صرخ فى رفاقه: «يالا.. يالا.. يالا».. كان يصرخ وصوته «مليان» حماس وحسرة.. هل ضاع الحلم.. هل تكرر سيناريو سنوات سابقة؟ ودارت آلاف الأسئلة فى ذهن الفتى ابن الـ«25 عاماً».. ولكنه انتفض من جديد.. وعاد إلى المدرجات.. وطلب التشجيع بحماس.. وبثقة «من سينتصر».. أشعل الحماس فى الملعب.. وأشعله فى المدرجات.. وبدأت الدعوات.. مصر.. يا رب.. يا رب.. وانتصرنا بقدم صلاح.

هذا الفيديو لخّص 27 سنة ابتعدنا فيها عن كأس العالم.. وسيناريو المباراة لخّص تلك السنوات.. فى البداية.. رغبة.. وعمل وطموح ويأتى الهدف الأول.. وهو بمثابة «الأمل» الذى رافقنا فى تصفيات مؤهلة لمونديال 94.. و«صاحبنا» فى تصفيات مؤهلة لمونديال 98 بعد أن اقتربنا.. و«لازمنا» فى تصفيات 2002.. وسار بجوارنا فى تصفيات 2006 و2010 و2014.. الهدف الذى جاء فى الدقيقة 62 بقدم صلاح كان «موازياً» لـ«الأمل» الذى عشناه فى هذه التصفيات.. من 94 وحتى 2014.. ثم جاءت «الصاعقة» بهدف التعادل الذى جاء فى الدقيقة 87.. يااااااااه.. هدف قاتل لا يمكن معه تعويض أو عودة، أو حتى لا تجد «أقداماً» تحملك وتقول لك «يالا».. هذا الهدف «الكونغولى» كان موازياً ومرافقاً وشبيهاً لـ«الطوبة» التى أخرجتنا فى مباراة زيمبابوى من تصفيات 94.. هدف «شبيه» بالهدف الذى أحرزه جورج وايا وأخرجنا من تصفيات 1998.. هدف ذكّرنا بمباراة الجزائر فى تصفيات 2002 وكان الفوز فيها كفيلاً بالصعود، ولكن تعادلنا.. هدف ذكّرنا بتعادلنا أمام بنين وزامبيا فى تصفيات 2006.. وأخذنا أيضاً إلى أم درمان، حيث فقدنا الفرصة فى 2010 وكنا الأقرب أمام الجزائر.. هدف «نقلنا» إلى أكرا وتذكرنا السقوط بـ«سداسية» أمام غانا.. وفقدنا فرصة الوصول إلى المونديال فى 2014.. يااااااااااااااااه.. نفس الحسرة والألم والمعاناة والشقاء وندب الحظ.

الجزء الأخير من «الفيديو العبقرى»، لحظة سقوط «أبوصلاح» على الأرض ودفن وجهه فى «النجيلة»، كان هو الحال الذى كنا عليه فى السنوات الماضية.. ثوان من اليأس والقهر والمرارة.. ثم ظهور المعدن الأصيل.. وانتفاض المارد.. وها هو «صلاح» وقد عاد وعادت مصر.. وتحقق الحلم فى «شبه معجزة».. كان الله بنا «رحيماً».. وبسط يده لـ«تمسح» دموع الملايين.. و«تحنو» برفق على «قلوب» ضعيفة.. قلوب «دابت» عشقاً فى كرة القدم.. وخفقت كثيراً و«اتوجعت» كثيراً لتشاهد تلك اللحظة.

شكراً للذين «فرّحونا».. شكراً لـ«رمز الإرادة والقوة والصلابة والعزيمة» عصام الحضرى.. هذا الحارس الفذ العملاق التاريخى.. شكراً لـ«حجازى» الذى كان ثابتاً قوياً وأعصابه حديد مكنته من تمرير كرة المباراة.. كرة ضربة الجزاء فى الدقيقة 93.. شكراً لـ«تريزيجيه».. هذا الشاب الذى «قلب» الملعب وحوّل النتيجة.. وساهم فى الهدف الأول وصنع الثانى.. وصنع ضربة الجزاء فى مباراة غانا.. وصنع هدف التعادل فى الكونغو فى المباراة التى أقيمت هناك فى أول التصفيات.. وكانت «البشرى».. شكراً رمضان.. وعبدالله.. والرجولة فتحى.. وطارق حامد.. والننى.. و«كهربا».. وسمير وربيعة.. شكراً للجميع.. لـ«كوبر» الذى وصل بنا إلى أمم أفريقيا.. وقادنا إلى المونديال.. شكراً لجهازه.. وشكراً لـ«الفتى» الذى يساوى «منتخبات لوحده».. شكراً لـ«صلاح» الذى وعد بالصعود.. شكراً لـ«الكبير».. قالها صلاح من غير ما «يحلف».. عمر «صلاح» ما يقول ويخلف.

موعدنا فى روسيا يا «صلاح» أنت والرفاق.. الأمر لم يكن «كرة قدم».. الأمر لم يكن «شباكاً» تهتز.. ولا تذكرة صعود.. الأمر كان «مصر».. مصر التى انكسرت وانتفضت ونهضت وانتصرت.. الأمر هو «مصر التى فى برج العرب».. وهو أمر لو تعلمون عظيم.. عظيم بـ«عظمة مصر».