رئيس مجلس الادارة:

د.محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

إيهاب الخطيب

إيهاب الخطيب

«كوبر» وصاحبة السعادة

هى كرة القدم التى تستطيع دون غيرها أن تحشد وتجمع دون سابق إنذار وبدون اتفاق وبدون تنسيق، الكل يتسابق، الكل يتوحد، الكل يبحث عن السعادة داخل مدرج كرة القدم الذى لا يسأل عن هويتك السياسية ولا تعنيه، فقط يطلب منك الالتزام دون تمييز فى العرق أو الدين أو التوجه السياسى.

هذه هى تركيبة الكرة، أكبر قوة ناعمة فى العالم، تجمع الشعوب تحت صافرة النصر ونهايات سعيدة وتلفظ من يخطئ وتعاقبه بقوانين لا يمكن تغييرها ولا التحايل عليها.. كم أرسلت الكرة لنا رسائل عاجلة ولكننا لم نلتقط منها ولم نتعامل معها ولم ندرجها ضمن أولويات المرحلة؟

الرياضة، وكرة القدم تحديداً، أولى الأولويات، لأن الكرة هى صاحبة السعادة حتى فى لحظات الحزن والهزيمة، الكرة هى من وحّدت جموع الشعب المصرى فى مواجهة المنتخب المصرى لنظيره الغانى، فهى ليست مباراة كرة قدم إنما هى استعداد شعب ومساندة قيادة وتنظيم دولة. الجماهير العظيمة التى احتشدت داخل استاد برج العرب لساعات طويلة قبل اللقاء أعادت الثقة وروح الانتماء التى تجسدت فى الدعم والتشجيع ورفع علم مصر والهتافات السعيدة، جماهير الكرة الحقيقية أحرجت كل المسئولين عن إدارة الكرة وحسمت عودتها دون إذن مسبق وبات قرار عودة الجماهير للملاعب متأخراً جداً.

وعلى مسئوليتى الشخصية فإن الجماهير ستعود للمدرجات فى قرار سيتم اتخاذه خلال أسابيع قليلة، فما أحلى جماهير مصر العظيمة التى أبهرت العالم وأرسلت رسالة للعالم أجمع، فكرة القدم هى صاحبة الحقوق الحصرية والعلنية لتجميع وتوحيد وسعادة الشعب المصرى. وإذا كان توفيق الله وحماس الجماهير، أهم أسباب الفوز على غانا، فيجب أن ندرك أن المنتخب المصرى يمتلك واحداً من أفضل الأجهزة الفنية فى تاريخه دون مبالغة، بداية من هيكتور كوبر الذى أدرك حجم لاعبيه وتعامل معهم وفقاً لإمكانياتهم الفنية، إضافة إلى مساعديه (أسامه نبيه ومحمود فايز وأحمد ناجى)، فالإخلاص فى العمل والجهد والعرق والتعب والصبر والحب ونبذ الخلافات واضح تماماً وهو أهم أسباب تفوق المنتخب.

فالأرجنتينى هيكتور كوبر الذى يفضل الطريقة الدفاعية والتى نال من خلالها نقداً عنيفاً ولم يلتفت إليه يستحق الإشادة، فإمكانيات الجيل الحالى رغم وجود محترفين فى أكبر الأندية العالمية هى أقل من جيل العظماء؛ جيل حسن شحاته الذى حصد ثلاثة ألقاب قارية وعجز عن التأهل لكأس العالم الذى أحرج البرازيل فى كأس القارات وهزم إيطاليا فالفارق كبير وعظمة كوبر تتمثل فى عدم التعايش مع الماضى والتركيز فى الحاضر، والوصول للطريقة التى تتناسب مع اللاعب المصرى فى هذا التوقيت رغم اختلاف نصف الجماهير والنقاد والمحللين إلا أن كوبر تفوق على الجميع واستطاع أن يحقق ما أراد واقترب من تحقيق حلم الجماهير بالتأهل لكأس العالم. أدرك تماماً أن هناك توفيقاً فى نتيجة اللقاء وأن هناك أخطاء فنية ستتم معالجتها وأدرك تماماً أننا لم نصل لكأس العالم وأدرك أكثر أننا سنصل بإذن الله لكأس العالم على يد هذا الرجل «كوبر» الذى تحمل وما زال يتحمل بل وقذف بنفسه فى حمام السباحة بملابسه حتى يستفيق من الضغوط. ماذا لو لعبنا ومتعنا الجماهير وانهزمنا؟.. إن الطريقة الدفاعية كانت الأفضل لمواجهة وحوش غانا، فهل كان المنتخب المصرى قادراً على فتح اللعب 90 دقيقة أمام نظيره الغانى، الإجابة: استحالة، فنياً وبدنياً.. أرجو من الجماهير المصرية أن تساند وتدعم كوبر وأن تبتسم له فى الشارع وأن تتحمل فكره الصحيح وأن تترك الرجل يعمل بحرية، وأرجو ألا يحمل النقاد والجماهير منتخب مصر حلم الحصول على اللقب الأفريقى لأنه لن يتحقق فى الجابون، المنتخب استعاد الثقة ولكنه لم يستعد قدرته الفنية ولم يصل للتصنيف الأول ولن يكون الأفضل فى بطولة أفريقيا على منتخبات كروية مرعبة.

الكرة المصرية التى توقفت وانهارت وعادت تحبو يجب أن نساعدها ونساندها.. الكرة التى كادت تموت وتوقفت عادت للحياة، فمريض العناية المركزة لا يمكنه أن يخرج من غرفة العناية يجرى ويلعب بل يستعيد عافيته بالتدريج، فعلينا أن نسعد لعودة الكرة للحياة وعودة المنتخب، وعلينا جميعاً أن ندعم المنتخب وكوبر، وألا نحمّل الفريق أكثر مما يتحمل وبالبلدى كده «على قد لحافك مد رجليك».

وبعيداً عن الجهاز الفنى أرى أن هذا الجيل سيكتب أمجاداً قادمة بوجود الظاهرة الحضرى الذى أرى أن تألقه هو ميزة كبيرة فيه وعيب أكبر فى باقى حراس مصر، ولا يجب أن نلقى بتهم الخيانة على بعض المحترفين فكلهم أجادوا وأخلصوا وفازوا، القادم أفضل يا جماهير مصر وأنتم شرفتم مصر كلها أمام عيون العالم المترقبة وأحرجتم الجميع وأصدرتم قرار عودتكم للمدرجات دون إذن أو قرار.. مبروك علينا الفوز، مبروك عليكم العودة للمدرجات قريباً.. سيدتى صاحبة السعادة كرة القدم كم أنت عظيمة.