رئيس مجلس الادارة:

د.محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

بيزنس أكاديميات كرة القدم.. "حلم صلاح" يطارد الأغنياء ويستنزف الغلابة

11:27 ص | الثلاثاء 03 ديسمبر 2019
بيزنس أكاديميات كرة القدم.. "حلم صلاح" يطارد الأغنياء ويستنزف الغلابة

بيزنس أكاديميات كرة القدم.. يطارد الأغنياء ويستنزف الغلابة

أكاديميات خاصة تحمل أسماء أندية أوروبية دون ترخيص من النادى الأصلى.. واستخدام أسماء نجوم الكرة المصرية لجذب لاعبين جدد 

أستاذ كرة قدم بكلية التربية الرياضية: نظام التدريب فى مصر لا يفرز لاعباً عالمياً.. ووجود الطفل فى الأكاديمية أفضل عند والده من لعب «البلايستيشن» 

مدير أكاديمية يوفنتوس الإيطالى فى القاهرة: نعمل بالنظام العالمى للنادى الأوروبى.. والاشتراك عندنا غالٍ لأننا نربى «اللاعب» فى بيئة مختلفة 

أندية كبيرة تستغل أسماء مراكز شباب وهيئات لمشاركة الأكاديميات في البطولات.. تسعيرة الاشتراك تبدأ بـ400 جنيه.. ودروس خصوصية تتخطى حاجز الـ2000 جنيه شهريا.. والنتيجة تدمير قطاعات الناشئين بالأندية.. ووالد لاعب موهوب: الاشتراك فيها هو السبيل الوحيد للفرار من "واسطة" اختبارات الأندية.. "وبدفع 2000 جنيه في الشهر عشان مش عايز ابني يدخل اختبارات أي فريق إلا وهو واقف على رجليه"

المدير الفني لاتحاد الكرة: وضعنا نظاما وقواعد وهناك رقابة مناسبة.. ونترك محاربة الأكاديميات غير المرخصة لأجهزة الدولة.. وسيد متولي: الموضوع يحتاج تنسيقا بين وزارتي التربية والتعليم والشباب والرياضة.. و"لمعي": لا نريد برامج تدريب من "الجبلاية" لأنها فاشلة.. ومسئول "أكاديمية جونيورز" بالمنصورة: فكرنا فيها لمساعدة الأهالي.. ولا نستطيع دفع اشتراكات اتحاد الكرة المبالغ فيها

 

كرة القدم، صناعة لإفراز أجيال جديدة لمستقبل الكرة المصرية، حوَّلتها الأكاديميات مؤخراً لتجارة وبيزنس تُحقق مكاسب مالية فقط، ليتعثر الآلاف من أولياء الأمور الذين يلهثون حول حلم احتراف أبنائهم كرة القدم، واصطدموا بواقع صعب لعدم اتساع قطاعات الناشئين بالأندية لاستيعاب أبنائهم، بين الواسطة وقلة الموهبة، يتعطل ولى الأمر ونجله أمام الالتحاق بفريق يساعده على التألق وتحقيق حلمه. مشروع الأكاديميات، من المفترض أن يفتح مجالاً جديداً أمام إفراز العديد من اللاعبين، وتوسيع رقعة المشاركة للأطفال، وأيضاً زيادة قاعدة اللاعبين المصريين، إلا أن ذلك المشروع اصطدم بلوائح وقوانين، التزم بها البعض عن طريق الترخيص لدى اتحاد الكرة المصرى، الأب الروحى لكرة القدم، وآخرون لجأوا لاستغلال أسماء أندية لتسجيل اللاعبين بشكل رسمى، وبالتالى تدمير قطاعات الناشئين بتلك الأندية، من أجل مكاسب مالية، وأكاديميات أخرى تعمل دون ترخيص رسمى من اتحاد الكرة، واكتفت بالتعامل كشركة لديها ترخيص وبطاقة ضريبية فقط كما ينص القانون.

وزارة الشباب والرياضة ليس لها إشراف على المشروع، فى حين أن اتحاد الكرة لا يتعامل إلا مع الأكاديميات المرخصة لديه، والتى تدفع قيمة الاشتراكات السنوية، أما الأندية ومراكز الشباب فتستسهل، وترفض عملية بناء اللاعبين، وتبيع أسماءها للأكاديميات حتى تتمكن من تسجيل اللاعبين فى الاتحاد لإقناع أولياء الأمور بالصفة الرسمية.

الأطفال وآباؤهم يحلمون بمحاكاة تجربة محمد صلاح والخروج للاحتراف الأوروبى، فيبحثون عن الأكاديميات التابعة للأندية العالمية، التى يعانى معظمها من عدم الشرعية، وآخرون يلجأون للمدرب الخاص «البرايفيت» لتنمية مهارات أبنائهم، وفى المقابل أصحاب الأكاديميات يهدفون للربح أولاً، بغض النظر عن مستوى اللاعب فى ظل غياب رقابة الدولة.

أحمد على، طفل لم يتجاوز عمره الاثنى عشر عاماً، جلس وحيداً باكياً أمام مركز شباب أبوالسعود بمنطقة مصر القديمة فى القاهرة مرتدياً قميص منتخب مصر مكتوباً عليه «M.Salah» ويحمل الرقم 10، ويرتدى حذاء كرة القدم، بعدما أخفق على مدار فترة الصيف المنقضى فى الانضمام لقطاع الناشئين بأحد فرق الأهلى والزمالك والمقاولون العرب، لعدم امتلاكه واسطة، على حد قول والده، وعدم قدرته على دفع قيمة الالتحاق بإحدى أكاديميات كرة القدم التى يرى أنها تسهل فرصة ممارسة اللعبة، والانتقال من خلالها لأحد الأندية الكبيرة التى تمكنه من السير على خطى محمد صلاح، نجم ليفربول الإنجليزى، ومنتخب مصر.

قصة أحمد ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فآلاف اللاعبين يتوجهون فى شهر يونيو من كل عام للاختبار فى الأندية الكبيرة، لكن يعود 95% منهم بخفى حنين، فمن بين تلك الآلاف لا يُقبل إلا عشرات الأسماء، والبقية يتم توزيعها ما بين الانتقال لأكاديميات خاصة بمبالغ طائلة، أو البحث عن مراكز شباب للعب فيها، على أمل المشاركة فى دورة رمضانية أو أى مباراة رسمية تمكنه من الظهور أمام مدرب ما لعلها تكون فرصة العمر.

«عاوز ابنك يبقى زى صلاح ودّيه أكاديمية عشان يتأسس كرة صح»، تلك هى الجملة التى سمعها على عبدالله بعدما تعب من الجرى خلف اختبارات أندية الأهلى والزمالك والمقاولون، بحثاً عن فرصة لابنه ليكون لاعب كرة قدم، لكنه اصطدم بضرورة توفر واسطة لمجرد أن ينظر المدرب إلى ابنه، ليقرر الاتجاه إلى إحدى الأكاديميات الخاصة التى يبلغ قيمة الاشتراك فيها 400 جنيه شهرياً، على أمل أن يجنى تلك الأموال عندما يصبح ابنه لاعباً مشهوراً، على حد وصف «عبدالله».

وتابع: «أنا كل سنة بقدم لابنى فى اختبارات الأهلى والزمالك والمقاولون، لأنه عنده مهارات والناس كلها بتقول عليه هيبقى لاعب كبير، لكن للأسف العدد بيكون كبير جداً والمدرب بيكون معاه حوالى 500 لاعب فى الساعة، فبالتالى مش بيلحق يشوف ابنى كويس، ولاد الحلال نصحونى بأكاديمية قريبة من البيت تابعة لمركز شباب عشان يقدر يشارك من خلالها فى دورى الأكاديميات والأندية الكبيرة دى تشوفه، لعل وعسى يكون لاعب كبير فى المستقبل».

وأضاف: «الأكاديمية بتعلّمه النظام عشان فيه مواعيد تدريب وبتحافظ على صحته، فدى حاجات كويسة كمان، بس المشكلة أن تكلفتها عالية، أنا بدفع 400 جنيه فى الشهر ودى تكلفة عالية، خصوصاً أن مرتبى 3000 جنيه، بس إن شاء الله لما يكبر ممكن نعوض».

«اللى ابنه موهوب بيرفض يدخّله أكاديمية»، هكذا رد الدكتور محسن لمعى، أستاذ كرة القدم بكلية تربية رياضية جامعة حلوان، ومدير أكاديمية نادى يوفنتوس الإيطالى فى القاهرة، الذى أوضح أن أسعار الاشتراك فى الأكاديميات المحترفة تتراوح بين 1700 جنيه إلى 2000 جنيه، ويقول «لمعى» إن هدف ولى الأمر من إحضار ابنه للأكاديمية تنحصر فى ممارسة كرة القدم كرياضة بدلاً من لعب البلايستيشن، فضلاً عن الحفاظ على البيئة التى يتربى فيها الطفل مناسبة للمستوى الاجتماعى الذى يعيش فيه، كذلك النظام الأوروبى الذى تتعامل به بعض الأكاديميات المحترفة.

وأضاف: «نظام التدريب فى مصر لا يفرز لاعباً عالمياً، وبالتالى نعمل بنظام مختلف، ونجحت أنا شخصياً من خلال تجربتى السابقة مع نادى برشلونة فى إفراز ثلاثة لاعبين يلعبون حالياً فى إسبانيا، منهم عمر البرادعى ومروان حشمت، وفى أكاديمية يوفنتوس حالياً انتقل اللاعب على تعلب من الأكاديمية إلى نادى الجونة، وذلك لأننا نعمل بالنظام العالمى للنادى الأوروبى».

الأطفال وأولياء الأمور يحلمون بتكرار تجربة محمد صلاح وخوض تجارب احتراف فى الأندية الكبيرة تمهيداً لاحتراف كرة القدم، سواء محلياً، أو الخروج للاحتراف العالمى، وبالتالى انتشرت فى مصر الأكاديميات الخاصة للتدريب ولتعليم كرة القدم، وأصبحت هى الملاذ لتجهيز لاعبين جدد وتوسيع رقعة المشاركة وزيادة عدد الممارسين للعبة فى مصر، وفقاً لسيد متولى، المدرب السابق فى قطاع الناشئين بنادى إنبى، الذى يعمل حالياً مديراً لأكاديمية مصر للمقاصة فى الرحاب.

وواصل «متولى»: «فى الأكاديمية نبدأ بتحديد الأهداف المطلوبة مع ولى الأمر، ثم نتعامل مع الطفل نفسياً بمعنى أن نعطيه إحساساً أنه لاعب كرة قدم من خلال التعامل مع المدربين وزملائه اللاعبين، ونخلق أجواء احترافية للاعبين من خلال التدريب على ملاعب كبيرة، فمثلاً نحن أقمنا معسكراً فى برج العرب وتدربنا على الاستاد الرئيسى وجعلت اللاعبين يسددون ضربات جزاء فى المرمى الذى أحرز فيه محمد صلاح هدف الصعود لكأس العالم 2018، وهو ما ينمّى لديهم الطموح والرغبة فى الاستمرار، وأن الأمل موجود ليحقق اللاعب حلمه».

وأضاف مدير أكاديمية مصر للمقاصة: «العملية التعليمية تؤثر على عملية انتظام اللاعب فى التدريبات، لأن الأمهات لديهن عقيدة راسخة أن الكرة بتعطل الطفل عن الدراسة، لأن التدريب يكون خمسة أيام أسبوعياً ودون توقف، لذلك ستجد أن 99% من لاعبى كرة القدم حالياً من أصحاب التعليم المتوسط، والموضوع يحتاج لنظام بين وزارتى التربية والتعليم والشباب والرياضة، وأن تعود المدرسة الثانوية الرياضية ومدرسة الموهوبين».

وتتراوح أسعار الاشتراكات فى مصر بالنسبة للأكاديميات المتوسطة من 250 جنيهاً إلى 900 جنيه شهرياً، ويؤكد «متولى» أن القيمة تتحدد وفقاً لأربعة عوامل، أولها قيمة إيجار الملعب والثانى المستوى الفنى للمدرب الموجود فى الأكاديمية، والثالث الأدوات التدريبية المستخدمة فى الأكاديمية، وآخرها طبيعة المنطقة السكنية الموجودة فيها الأكاديمية.

وتنقسم الأكاديميات فى مصر إلى أكثر من نوع، فهناك أكاديميات تابعة لأندية مثل أكاديمية النادى الأهلى وأكاديمية وادى دجلة، وأكاديمية مصر للمقاصة، وغيرها من الأكاديميات التى يشرف عليها النادى أحياناً، وفى أحيان أخرى يكتفى النادى بالحصول على قيمة مالية من صاحب الأكاديمية، مقابل الموافقة على استخدام اسمه على الأكاديمية.

أما النوع الثانى من الأكاديميات الخاصة، فيحمل أسماء أندية أوروبية فى مصر، مثل أكاديمية يوفنتوس الإيطالى وأكاديمية أتلتيكو مدريد وأكاديمية ريال مدريد الإسبانيين، وأندرلخت البلجيكى وليفربول الإنجليزى، وفينورد الهولندى، وغيرها من الأكاديميات، ونوع ثالث يحمل أسماء لاعبين كبار مثل أكاديمية «الكابتن» التابعة لجمال عبدالحميد نجم الزمالك السابق، و«فوكسز» التى يشرف عليها حازم إمام، نجم الزمالك السابق، و«بيبو 10» التى يملكها محمود الخطيب، رئيس النادى الأهلى الحالى.

خالد محمود، ولى أمر لاعب فى أكاديمية -فضل عدم ذكر اسمها- قال إنه يدفع حوالى 2000 جنيه فى الشهر لابنه لأنه اختار المدرب الخاص، أو كما يقولون عليه فى الأكاديمية «البرايفيت»، وتحدث خالد محمود قائلاً: «لدىّ واسطة فى أحد الأندية ولكن مش عاوز ابنى يدخل اختبارات إلا وهو واقف على رجليه عشان كدة بدربه لفترة مع المدرب البرايفيت عشان يكون مؤهل لما يدخل الفريق يكون ليه مكان، مش مجرد اختبار مجاملة عشان ابوه».

وأضاف: «التكلفة عالية ولكن أنا باستثمر فى ابنى، منه بيعمل الحاجة اللى بيحبها ومن ناحية تانية ممكن يكون لاعب مشهور، هو بيحب محمد صلاح ونفسه يبقى زيه، وأنا كمان نفسى ابنى يبقى زى صلاح عشان كدة بخليه يعمل الحاجة اللى بيحبها».

شغف الأطفال بمحمد صلاح، ورغبة آبائهم فى تكرار التجربة وأن يسير أبناؤهم على نفس الطريق دفع البعض لاستغلال ذلك لاستنزافهم مالياً، وهو ما يؤكده الدكتور محمود سعد، المدير الفنى لاتحاد الكرة المصرى، والذى نظم منذ الموسم الماضى مسابقة جديدة تحت مسمى «دورى الأكاديميات».

وقال «سعد»: «نسعى من خلال المسابقة الجديدة لتوفير فرص عمل للمدربين والإداريين تحت إشراف رسمى من اتحاد الكرة، وكذلك خلق فرصة تنافسية مقننة بالنسبة للاعبين من شأنها توسيع قاعدة المنافسة، وزيادة عدد اللاعبين المسجلين لدى اتحاد الكرة المصرى، لأننا وضعنا نظاماً وقواعد بأن تكون الأكاديميات المشاركة فى الدورى حاصلة على ترخيص رسمى من اتحاد الكرة حتى تكون هناك رقابة، وبالتالى تحصل الأكاديمية على أحقية تسجيل لاعبيها فى الاتحاد بشكل رسمى».

وأوضح المدير الفنى لاتحاد الكرة المصرى أن دورى الأكاديميات هو بطولة موازية لدورى البراعم الذى تشارك فيه الأندية ومراكز الشباب، ولكنه دورى قطاع خاص مناسب للأكاديميات الخاصة التابعة للاتحاد وفقاً لنظام التراخيص.

ورد الدكتور محسن لمعى، مسئول أكاديمية يوفنتوس، على تصريحات «سعد» بقوله: «لا نحتاج من اتحاد الكرة برامج تدريب لأنها فى الأساس غير ناجحة والدليل مستوى المنتخب الأول، وبالنسبة لتسجيل اللاعبين فهو أمر غير مهم لأن أى أكاديمية ببساطة تسجل لاعبيها باسم أى نادٍ صغير ليس لديه هذه المرحلة العمرية، ويحصل النادى الذى تلعب الأكاديمية باسمه على مبلغ يتراوح ما بين خمسة آلاف جنيه و20 ألف جنيه، تتحدد بناء على ما سيقدمه النادى للأكاديمية من خدمات».

وأشار «لمعى» إلى أن اتحاد الكرة عندما أقدم على فكرة دورى الأكاديميات لم يستشر أهل الخبرة الذين يعملون فى المجال منذ سنوات، وقال: «الأكاديمية مشروع استثمارى ولكن يقدم خدمة التدريب على كرة القدم بمستوى وإمكانيات عالية، وبالتالى كلما ارتفع المستوى ارتفعت التكلفة، لأنها تسير على أسس سليمة بناء على علم ودراسة، أما اتحاد الكرة فلم يدرس الموضوع بشكل جيد وكل همه تحصيل أموال من الأكاديميات دون النظر لما ستحصل عليه الأكاديمية من الاتحاد».

وانتشر فى مصر العديد من الأكاديميات غير المرخصة، التى تعمل عن طريق إيجار ملعب، وتوفير مدرب وأدوات تدريب دون الحصول على رخصة، ثم يتطور الأمر بأن يتفق صاحب الأكاديمية مع أحد مراكز الشباب بأن يلعب باسمه فى دورى القطاعات، مقابل دفع مبلغ مالى يتحدد بين الطرفين بناء على الموقع الجغرافى واسم مركز الشباب أو النادى، وهو ما يؤكده سيد متولى، مسئول أكاديمية مصر للمقاصة فى الرحاب بقوله: «نلعب فى دورى الأكاديميات لأننا ملتزمون بالتراخيص التى أصدرها اتحاد الكرة، لكن الكثير من أصحاب الأكاديميات يلجأون لاستخدام اسم مركز الشباب أو النادى الذى يتدرب فيه، مقابل دفع مبلغ مالى، نظراً لارتفاع قيمة الاشتراك السنوية التى حددها اتحاد الكرة بالنسبة للأكاديميات للحصول على ترخيص».

وكشف الدكتور محسن لمعى أن أكاديميات الأندية الكبيرة تشترى أسماء هى الأخرى أسماء لأندية صغيرة للعب باسمها، وأوضح: «المقاولون مثلاً لديه 26 أكاديمية على مستوى الجمهورية، ويلعب فى دورى البراعم باسم ناديه كقطاع ناشئين، فى حين أن الأكاديميات التابعة له تشترى اسم أندية صغيرة أو مراكز شباب للمشاركة فى دورى البراعم تحت اسمها».

وقام اتحاد الكرة المصرى بتقسيم الأكاديميات إلى أربعة تصنيفات، بحيث يضم المستوى الأولى الأكاديميات التى تضم أكثر من ألف لاعب مسجل لديها، وقيمة الاشتراك لهذه الفئة 75 ألف جنيه سنوياً، أما المستوى الثانى فللأكاديميات التى تضم 500 لاعب وتدفع 40 ألف جنيه قيمة اشتراك سنوية للحصول على الترخيص فى المستوى الثانى، أما الأكاديميات التى تضم أقل من 500 لاعب، فتصنف كمستوى ثالث وقيمة الاشتراك السنوى للأكاديمية 25 ألف جنيه، والمستوى الرابع للأكاديميات التى تضم أقل من 200 لاعب وحدد اتحاد الكرة اشتراكه السنوى بعشرة ألاف جنيه.

أحمد كيوان، مسئول أكاديمية جونيورز فى المنصورة، أعرب عن غضبه من المبالغ الطائلة التى حددها الاتحاد للحصول على تراخيص وحرمه من المشاركة فى دورى الأكاديميات، وقال كيوان: «بدأنا مشروع الأكاديمية لمساعدة أهالى القرية على تنشئة أولادهم بالشكل السليم بحكم حصولى على ماجستير فى التربية الرياضية، وبالتالى نسعى لتطوير المستوى الفنى والبدنى والصحى لأبناء المنطقة، ولكن التكلفة التى تشمل إيجار الملاعب وأدوات التدريب والمدربين المختصين لتعليم الأطفال بشكل سليم، جعلتنا نصطدم بأزمات عديدة، خصوصاً أن ولى الأمر لا يستطيع دفع أكثر من 100 جنيه شهرياً، وبالتالى تلك القيمة بالكاد ستغطى تكاليف الإيجار والأدوات والمدرب ولا نستطيع دفع تكلفة الحصول على ترخيص من اتحاد الكرة».

وأضاف: «هناك البعض يعملون فى نفس المجال بمبدأ التجارة ويحصلون على أموال طائلة من أولياء الأمور مع وعود كثيرة لا يتحقق منها شىء، وبالتالى دورى مراكز الشباب لم يضف شيئاً، فمن أين لى أن أدفع عشرة آلاف جنيه، بالإضافة لاشتراط منطقة الدقهلية لكرة القدم دفع مبلغ 100 جنيه للحصول على كارنيه لأى لاعب حتى يكون مسجلاً رسمياً، فمن يدفع تلك الأموال؟».

محمود سعد، المدير الفنى للاتحاد، رد على تلك الجزئية بقوله: «ليس لنا دخل إلا بالأكاديميات المرخصة، لأننى أوفر لتلك الأكاديميات مميزات كبيرة، ولدينا عدد لا بأس به من الأكاديميات التى حصلت على تراخيص، فمثلاً القاهرة بها 14 أكاديمية، وعشر أكاديميات فى الجيزة، و12 أكاديمية فى الدقهلية، وغيرها فى مختلف محافظات مصر، وبالتالى نحن كجهة منوطة بالإشراف على كرة القدم، يجب أن نلزم الجميع بالنظام، وشيئاً فشيئاً الأكاديميات الصغيرة ستتوسع وتصل للمستوى الأعلى الذى يمكّنها من الحصول على ترخيص».

ويرى أحمد كيوان، مسئول أكاديمية جونيورز، أن النظام الحالى لا يخدم إلا «أكاديميات الأغنياء»، على حد وصفه، ويجب أن تكون هناك شرائح أقل للأكاديميات الصغيرة فى القرى الفقيرة حتى تتمكن من المشاركة فى المسابقة وتكون فعلاً نواة لإخراج لاعبين على أعلى مستوى لمصر.

وأضاف: «اتحاد الكرة نظم مسابقة لتقنين الأمور ووفر برامج تدريب للمدربين لتطوير مستواهم وبالتالى الارتقاء بمستوى اللاعبين، ولكنه نسى أن لعبة كرة القدم للفقراء والأغنياء على حد سواء، ووضع شروطاً مالية أبعدت قطاعاً كبيراً عن المشاركة وفتح باباً للتجار لاستغلال تلك المسابقة لتحقيق أرباح دون النظر للعبة نفسها، ونسى أن كل النجوم الكبار جاءوا من بيئة فقيرة».

ويظهر ضمن مشاكل الأكاديميات فى مصر، انتشار أسماء لأندية عالمية على تلك الأكاديميات لإغراء الأطفال وآبائهم بالاشتراك بها، ويقول الدكتور محمود سعد إن أكاديمية باريس سان جيرمان هى الوحيدة فقط التى حصلت على ترخيص، أما بقية الأكاديميات فتعمل دون ترخيص.

وعلمت «الوطن» أن عدداً كبيراً من تلك الأكاديميات تشارك فى دورى البراعم الذى ينظمه اتحاد الكرة، فمثلاً أكاديمية يوفنتوس كانت تشارك فى الدورى خلال الموسم الماضى تحت اسم نادى جولدى بعد أن دفعت للنادى مقابل اللعب باسمه.

الدكتور محسن لمعى، أستاذ كرة القدم بكلية تربية رياضية جامعة حلوان، ومدير أكاديمية نادى يوفنتوس الإيطالى فى القاهرة، قال لـ«الوطن» إن ما يزيد على 80% من الأكاديميات التى تحمل أسماء أندية عالمية ليس معها ترخيص من النادى الأصلى، وأن أكاديميته لديها عقد مع يوفنتوس يلزمها بتطبيق نفس طريقة اللعب والنظام الفنى الخاص بالفريق الأول لـ«السيدة العجوز»، وأن اللعب باسم جولدى كان لتسجيل اللاعبين فى اتحاد الكرة والمشاركة فى المسابقة، بدلاً من دفع مبلغ يصل لـ75 ألف جنيه، دون الحصول على أى مقابل من اتحاد الكرة.

وأوضح «لمعى»: «بعض الأكاديميات توقع عقداً مع الأندية العالمية بمسمى فرانشايز، بمعنى أنه يحق له استخدام العلامة التجارية فقط لطباعة اللوجو أو صور اللاعبين على صور أو هدايا تذكارية وغيرها، ولكن ذلك العقد لا يشمل تأسيس أكاديمية، وبالتالى تلك الأندية لو علمت بإقامة هذه الأكاديميات، فستطلب مبالغ طائلة كتعويض، ولكن نحن فى «يوفنتوس» نطبق نظام الفريق الأول ويحضر إلينا مدربون إيطاليون تابعون للنادى سنوياً للإشراف على عملنا، ونشارك فى كأس العالم ليوفنتوس الذى يقام فى إيطاليا سنوياً بين أكاديميات اليوفى حول العالم، وحصلت أكاديمية يوفنتوس مصر على المركز الرابع فى العام الماضى».

ويشترط اتحاد الكرة عدة عوامل لمنح الأكاديميات الترخيص، أهمها توفير ملعب مدفوع الإيجار لفترة زمنية لا تقل عن عامين، ووجود ترخيص بسجل تجارى وبطاقة ضريبية باسم الأكاديمية، وتأسيس شركة وفقاً للقانون الجديد للرياضة، وبالنسبة للأكاديميات التى تحمل أسماء أندية، فتحتاج لمذكرة رسمية من النادى بالموافقة على أن تحمل أكاديمية ربحية اسمه وهو ما لا يتحقق للأكاديميات التى تحمل أسماء أندية عالمية، حيث أكد سيد متولى، مدير أكاديمية مصر للمقاصة أن العديد من تلك الأكاديميات يحصل من النادى الأجنبى على تفويض بإنشاء أكاديمية كنشاط اجتماعى غير هادف للربح، ولكن على أرض الواقع لا يتحقق ذلك.

ويقول سيد متولى: «من المفترض أن تقوم الدولة بملاحقة الأكاديميات التى تعمل بغطاء غير شرعى بأن تحمل اسم أندية لا تعرف أنها تدار كأكاديميات، فهى ظاهرياً تحمل أسماء الأندية لإغراء آباء والأطفال للانضمام إليها، وفعلياً تلعب بأسماء مراكز شباب وأندية صغيرة فى مسابقة البراعم، ويجب أن تكون هناك وقفة مع الأندية ومراكز الشباب التى تسمح باستخدام اسمها بهذا الشكل مقابل مبالغ مالية».

وكشف محسن لمعى أن بعض الأكاديميات توقع عقوداً مع أطفال سنهم لا تتجاوز التسع سنوات بمجرد ملاحظة أن لديه موهبة، وهو أمر غير قانونى، ولكن لا يمكن السيطرة على ذلك الأمر إطلاقاً، لأنه عقد موقع بين ولى الأمر والأكاديمية دون تسجيله فى أى مكان.

أحمد عصام، ولى أمر، لخص لـ«الوطن» الأزمة بقوله: «الأطفال يبحثون عن حلم الاحتراف المبكر، ونحن كآباء وجدنا فى الأكاديميات ملاذاً للهروب من جحيم الواسطة واختبارات الأندية التى لا ينجح فيها أحد إلا المسنودين وتقوم الأندية بتنظيمها سنوياً لتحقيق ربح مالى نتيجة بيع استمارة خوض الاختبار التى تصل إلى 100 جنيه للاستمارة الواحدة، ولا يقبل من المشتركين سوى لاعب أو اثنين، وهو ما سمح لتجار الأكاديميات باستغلال شغف الأطفال ورغبة الكبار فى احتراف أبنائهم للكرة، لتحقيق مكاسب مالية خيالية وهو ما يسمى حالياً ببيزنس الأكاديميات، التى تنقسم إلى أكاديميات للأغنياء الباحثين عن حلم صلاح، وأخرى للفقراء الباحثين عن فرصة الظهور فى مسابقة رسمية على أمل أن يراهم مدرب أو مسئول بعين الاعتبار، وما بين هؤلاء يخرج الكثير من المنتفعين».

اتحاد الكرة يؤكد من خلال مديره الفنى الدكتور محمود سعد أنه ماض فى طريقه لتطوير الكرة المصرية عن طريق تقنين عمل الأكاديميات وأنه يكتفى بدوره فى منح التراخيص وفقاً للضوابط التى حددها من قبل، وتوفير برامج التدريب للارتقاء بمستوى المدربين، ويترك محاربة الأكاديميات غير المرخصة لأجهزة الدولة الرقابية، فى حين أن أصحاب الأكاديميات منقسمون بين أغنياء يحققون أرباحاً بسبب موقعهم الجغرافى وارتفاع المستوى المادى للشريحة السكانية المحيطة بهم، وآخرين فى قرى صغيرة سكانها من محدودى الدخل ولا يستطيعون دفع أموال طائلة نظير لعب أبنائهم كرة القدم بشكل احترافى، وينتظرون فرصة أو ضربة حظ لإظهار مواهبهم إلى النور، ومن بين تلك الأكاديميات المملوكة لنجوم الكرة الكبار والأندية العالمية، التى تحصل على أسماء مراكز شباب وأندية للعب بأسمائها والحصول على الصبغة القانونية دون رقابة حقيقية من الدولة، والهدف الوحيد لهم تحقيق أرباح مالية، والعامل المشترك بين كل هؤلاء هو ولى الأمر والطفل الذى يتبخر حلمه تدريجياً فى أن يصبح لاعب كرة محترفاً.

 

7 قواعد ومعايير لترخيص أكاديمية كرة القدم

1- يتقدم طالب الحصول على الترخيص إلى لجنة الأكاديميات بطلب على النموذج المعد لذلك، مرفقاً به المتطلبات والمستندات الواردة بمعايير منح الترخيص.

2- يسدد طالب الترخيص 25% من قيمة الرسوم المقررة بالإدارة المالية بالاتحاد كمصروفات إدارية لا تسترد فى حالة عدم الموافقة على منح الترخيص.

3- تتولى اللجنة فحص المستندات ومعاينة أماكن الأكاديميات وملاعب التدريب.

4- الجهات التى تتم الموافقة على منحها الترخيص من اللجنة تقوم باستكمال باقى قيمة الرسوم المقررة وتحصل على ترخيص مزاولة نشاط أكاديمية فى كرة القدم لمدة عامين.

5- يجدد الترخيص كل عامين بعد سداد الرسوم المقررة متى استوفت الأكاديمية المعايير الموضوعة ولم تسجل عليها أى مخالفات أثناء مدة الترخيص.

6- الأكاديميات التى صدر لها ترخيص يحق لها تسجيل اللاعبين فى فروع الاتحاد وسداد رسوم قيد اللاعبين ويصدر بطاقة لاعب فى الأكاديمية.

7- يحق للأكاديمية المشاركة فى مهرجانات الأكاديميات للبراعم ومسابقات الناشئين التى يوافق الاتحاد على مشاركة الأكاديميات بها.