رئيس مجلس الادارة:

د.محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

محمد يحيى

محمد يحيى

مسرحية بعنوان "ثورة فى فيفا"

"انهيار قلعة الفساد"، "كشف فضائح قلعة فيفا"، "زلزال الفساد يهز فيفا"، "ضربة قوية لبلاتر قبل 48 ساعة من الانتخابات"، "فضيحة لفيفا بالتحفظ على 6 من أبرز رجال بلاتر"، كل ما سبق كان عناوين لأشهر صحف فى العالم قبل يومين فقط على اجتماع الجمعية العمومية للاتحاد الدولى، الذى سيشهد انتخاب رئيس "فيفا" لأربع سنوات؛ ما بين "بلاتر"، الذى وصفه العالم كله بالفاسد وزعيم المافيا، والأمير على بن الحسين، الذى وصفوه أيضاً بقائد الحركة الإصلاحية فى كرة القدم.

ولكن الحقيقة أن "بلاتر" لم يكن فاسداً، و"على" لم يكن قائداً، وكل ما حدث كان مجرد مشهد من مسرحية هزلية، لكنه صُنع ببراعة شديدة من المخرج والمؤلف "بلاتر"، وتم إنتاجه بحرفية من المحرك الرئيسى لمعظم الأحداث فى العالم "الولايات المتحدة الأمريكية".

فعلى مدار يومين عاش العالم كله فى وهم حملة التطهير داخل واحدة من أقوى المنظمات فى العالم، وهى "فيفا"، معقل كرة القدم، التى منحت لـ"بلاتر" قوة لا تتوافر لبعض رؤساء الدول، وكأنها ثورة، ولكن الرجل خرج بكل هدوء ليرد على تلك العاصفة فى ثلاث كلمات: "سنطهر كرة القدم"، متجاهلاً كل من طالبوا برحيله وتأجيل الانتخابات لحين انتهاء التحقيقات، ولم يكتفِ بذلك، بل بدا وكأنه مفجر الثورة من الأساس لبدء التطهير.

وهنا شعرت أننى أشاهد التلفاز يوم الثلاثاء، الأول من فبراير للعام 2011، عندما طلب الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك من الشعب إعطاءه فرصة للتطهر من الفساد، ولكن وقتها لم يسمع أحد، فسقف المطالب كان قد ارتفع لأقصى درجة والمنتج وقتها تخلى عن "مبارك"، فى حين أنه لم يتخلَّ عن "بلاتر"، والعجيب أن السبب فى كلتا الحالتين متشابه، وهو الكيان الصهيونى.

فـ"مبارك" رفض أن يقدم تنازلات إضافية فى سيناء للكيان الصهيونى، وهو ما اعتبره المنتج (أمريكا) تخلياً عنها فتركته وهددته بحقوق الإنسان والحريات، ولكن "بلاتر" نجح كالثعلب فى الإبقاء على عضوية إسرائيل بالاتحاد الدولى أمام الطلب الفلسطينى بتجميد عضويتها، وبالتالى فأمريكا راضية؛ لأن إسرائيل ما زالت مستمرة فى عضوية الاتحاد الدولى.

وللتوضيح فقط أنا لا أدافع عن "مبارك" على الإطلاق؛ لأنه ساهم فى جهل هذا الشعب، وهى تهمة أكبر من أى فساد فى العالم، ناهيك عن موضوع التوريث، وترك أذرعاً فاسدة من مسئولين يعبثون داخل الدولة.

ونعود لموضوعنا الرئيسى، فحتى فلسطين نفسها، والممثلة فى جبريل الرجوب، حصلت على ما تريد بالموافقة على تشكيل لجنة للإشراف على تنفيذ مطالبها المتمثلة فى حرية انتقال اللاعبين والأدوات الرياضية وطرد 5 أندية إسرائيلية تلعب على الأراضى الفلسطينية المحتلة، والسماح بحرية انتقال الفرق للعب على الأراضى الفلسطينية.

وبالتالى خرج الجميع فائزاً؛ فـ"بلاتر" حصل على الرئاسة للمرة الخامسة توالياً، وأمريكا أبقت على إسرائيل، رغم أنها لم تكن مهددة من الأساس لأنه حتى لو كان حدث تصويت فالدول الأوروبية كانت ستختار بقاءها للمصالح الشخصية (لكن الرجوب عرف من أين تؤكل الكتف وسحب الطلب فى الوقت المناسب بناءً على الصفقة مع "بلاتر")، و"بلاتر" نفسه نجح فى استبعاد 6 ممن يثيرون له الأزمات من خلال فسادهم وتربحهم من مناصبهم فى الاتحاد الدولى.

والوحيد الذى خرج خاسراً فى هذه اللعبة هو من خُدع فى أن هناك حملة لتطهير "فيفا" من الفساد، وتوهم أن "بلاتر"، الذى ظل على عرش "فيفا" لعشرين سنة سابقة، سيقع بهذه السهولة وقبل الانتخابات، وللعلم "بلاتر" لو أراد الترشح لرئاسة "فيفا" بعد أربع سنوات جديدة سيفوز، لأنه نجح فيما نجح فيه "مبارك" من قبل على مدار 30 سنة، وهو عدم ترك المساحة لبديل معارض أن يظهر، ولكنه أذكى؛ كونه يجهز بديلاً من نفس المدرسة، وهو جيروم فالكه، السكرتير العام الحالى، وهو الابن والوريث الشرعى لـ"بلاتر"، ومن يتصور أن لويس فيجو وانسحابه وتصريحاته كانت ضد "بلاتر" فهو واهم أيضاً لأن ذلك كان مشهداً آخر من المسرحية التى أتقنها الثعلب السويسرى، وحتى الأمير على (نائب رئيس فيفا لأربع سنوات سابقة) نفسه كان جزءاً من المسرحية التى رفض محمد بن همام أن يكون جزءاً منها قبل أربع سنوات فكان مصيره الطرد من جنة كرة القدم إلى الأبد.