رئيس مجلس الادارة:

د.محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

محمد يحيى

محمد يحيى

الجبلاية: «خناقات.. وبيع ترنجات.. وقلع بنطلونات».. لا وقت للكرة

سباب ومشاجرات شهدها اجتماع اتحاد الكرة، مساء الأربعاء، لمجرد مناقشة أزمة متعلقة بمسابقة. رئيس نادٍ «موقوف» يتباهى بأنه دخل غرفة الاجتماعات، وسبّ عضو مجلس إدارة بالنادى المنافس واتهمه بالسرقة، ووجّه نفس الاتهام لنائب رئيس اتحاد الكرة، الذى رد عليه بضربه ورد الإساءة، كل ذلك دار فى اجتماع بين من يقودون أندية الصفوة فى كرة القدم.

اتحاد الكرة أصبح فاقداً للسيطرة على الوضع، وحاول استدعاء الأندية لاسترضائها، فحدث ما لا تُحمد عقباه، حتى وإن حاولوا التستر على ما حدث فى الاجتماع، فرئيس النادى «الموقوف» فضح كذبهم، وقال فى فيديو مسجل إنه اتهم عضو مجلس الأهلى بالحصول على رشاوى وهدايا يجب ردها، ووجّه نفس الاتهام لنائب رئيس الاتحاد، فهل يُعقل، مع كل تلك الاتهامات، أن يمر الاجتماع بسلام، وأن يقال عن كل تلك الاتهامات إنها مناوشات خفيفة؟!

الواضح أن هناك تعليمات قوية صدرت للجميع بالتعتيم على الأمر وعدم التصريح أو الكشف عن حقيقة ما حدث، لماذا؟.. حتى لا يضطر اتحاد الكرة لاتخاذ إجراءات ضد كل المخطئين، وبالتالى سيتضرر الاتحاد الذى ينوى عقد جمعية عمومية بعد أيام لتعديل اللائحة، ومن بين التعديلات إلغاء بند الثمانى سنوات، ما سيضمن لهم الحفاظ على مقاعدهم.

مقاعد تطوعية، من المفترض أنها بلا مقابل مادى، ولكنها على العكس تشغل أوقات من هم رجال أعمال أو محامون أو مهندسون أو غير ذلك من مهن، والصراع على تلك المقاعد يكشف حقيقة أنها ليست تطوعية، وإنما وراءها أهداف شخصية لكل منهم، ولولاها ما اقتتلوا بهذا الشكل، وما تحمّل عضو مجلس أو نائب رئيس أن يُسب ويُتهم بالسرقة والرشوة علانية، ثم يسكت، كما قال «الرجل الموقوف».

السوابق فى اتحاد الكرة كثيرة ولا حصر لها، وأبرزها بالتأكيد الاتهامات التى أُعلنت قبل كأس العالم فى روسيا من تجارة فى ملابس المنتخب التى بيعت لحساب أشخاص بأعينهم، وأزمة الحقوق الإعلانية الخاصة بمحمد صلاح نجم المنتخب الوطنى، ومن قبل ظهر اتهام لأحد أعضاء الجبلاية بخلع البنطلون داخل مقر الاتحاد، وغيرها من المشكلات، ولكن أن يكون اللعب على المكشوف لهذه الدرجة، وتطلبوا من الناس أن ترى وتُغمض عينها وكأن شيئاً لم يحدث، فهو أمر يفتح الباب أمام كوارث أكبر.

فماذا تنتظر من المشجع بعد ذلك عندما لا يرضى عن قرار لحكم أو تصريح لمسئول؟ سيصبح رد الفعل أكثر همجية، لأنه كلما قلّت درجة المسئولية المجتمعية للشخص، كان رد الفعل أعنف وأكثر قسوة، وبالتالى سنصبح مهددين بكارثة جديدة كمجزرة بورسعيد.

الأزمة الأكبر والأهم أن الكل لم يعد يخشى من شىء لأنهم أمنوا العقاب، وبالتالى أصبحت إساءة الأدب أمراً سهلاً، ولعل ما قاله رئيس النادى «الموقوف» من أنه لن يمثل أمام لجنة القيم، سواء فى اتحاد الكرة أو اللجنة الأولمبية، أكبر دليل، فمن يستطيع محاسبته؟ وكيف يكون هناك رادع؟ وكيف ستمنع غيره من تكرار نفس الفعل؟

الأبواب كلها أصبحت مفتوحة، والوحيد الذى اتخذ إجراء تجاه تلك التجاوزات كان الاتحاد الأفريقى لكرة القدم، عندما قرر إيقاف رئيس أحد الأندية لتجاوزه فى حق السكرتير العام للاتحاد، أما سب نائب رئيس الاتحاد وجهاً لوجه وعلناً عبر مقطع فيديو، فلن يكون له رد فعل، وهو ما دفع بنادٍ مثل بيراميدز أن يقدم شكواه مباشرة إلى الاتحاد الأفريقى لكرة القدم ضد عدم انتظام مسابقة الدورى المحلى، فى إشارة لعدم وجود دور لاتحاد الكرة.

اتحاد الكرة رفع شعار «كبّر دماغك»، و«اعمل نفسك مش شايف ولا سامع»، حتى تمر بطولة أمم أفريقيا، أو المسمى الأفضل لها حالياً هو «التورتة الكبيرة» التى يسعى الكل لحجز نصيبه منها مبكراً، ومن بعدها لا أزمة، سواء باستقالة أو غيرها.

المعادلة أصبحت سهلة وواضحة أمام الجميع، اتحاد الكرة «الضعيف» يهادن الأندية للحصول على أصواتهم، والحفاظ على الكراسى، كل ذلك بلا رقابة أو متابعة، وهو أمر ينذر بضياع أى استثمارات أو مكاسب قد تتحقق وتفيد البلد من وراء كرة القدم، وستبقى كما هى، وسيلة لإهدار الأموال والإلهاء.. وطالما افتقدت الإدارة للرقابة أو المتابعة وأصبحت الهمجية والعشوائية هى المسيطرة، فرحم الله الكرة المصرية.