رئيس مجلس الادارة:

د.محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

"الأسطورة الإستثنائية".. قصة أعظم مدرب في تاريخ الكرة

12:56 ص | السبت 11 أبريل 2015

لم تكن أسطورته سببها تسجيله 251 هدفًا في 274 مباراة لعبها مع ميدلسبره وسندرلاند، بالدوري الإنجليزي، أو أنه واحدًا من أعلى الهدافين في تاريخ البريميرليج، ولكن لأسطورته قصة أخرى، بدأت عام 1965، بعد إصابته واعتزاله اللعب عن عمر يناهز الـ29 عامًا، لتبدأ مسيرة تدريبية لظاهرة استثنائية تعد من غرائب عالم كرة القدم عبر التاريخ.

شمال شرق إنجلترا، وتحديدا في مدينة ميدلسبره، كان المكان الذي ينتظر يوم 21 مارس عام 1935، لتولد ظاهرة كرة القدم التاريخية، برايان هوارد كلوف، والذي بدأ مسيرته كلاعب في صفوف نادي مدينة مولده ونشأته، عام 1955، ولعب معهم حتى عام 1961، وشارك معهم في 213 مباراة وسجل 197 هدفًا، وتخللها موقفه الشهير من دفاع فريقه، حيث سخر منهم بعد التعادل 6-6 ضد تشارلتون، متسائلاً في وسائل الإعلام: "كم عدد الأهداف (أكثر من 6) التي يجب أن أحرزها كي نفوز، ولا يخذلني دفاع فريقي!". وانتقل إلى نادي سندرلاند بقيمة 55 ألف جنيه إسترليني عام 1961 ليلعب معهم حتى عام 1964، مشاركًا في 61 مباراة مسجلًا 54 هدفًا، منهم 24 في موسم 1962-1963، ليصبح عنصرًا أساسيًا في ترقي ناديه، بنسبة أهدافه في المباريات والتي وصلت لـ 0.916 هدفًا لكل مباراة.

ولم تحفل مسيرة كلوف كلاعب بالمشاركات الدولية الكثيرة حيث شارك مع منتخب الأسود في مباراتين فقط عام 1959، إحداهما أمام ويلز يوم 17 أكتوبر عام 1959، والثانية ضد السويد يوم 28 أكتوبر 1959، دون تهديف. وتخلل مسيرته كلاعب استدعاؤه بعد تركه المدرسة في عام 1950، ليصبح بدون مؤهلات تعليمية، وينضم للخدمة الوطنية في سلاح الجو الملكي البريطاني بين عامي 1953- 1955.

- بداية المغامرة:
وأهل عام 1965 معلنًا بداية أحداث صناعة الأسطورة، فبعد مهمة تدريب فريق شباب سندرلاند، كانت البداية مع هارتلبول يونايتد، نادي الدرجة الرابعة، حيث تولى كلوف الإدارة الفنية، وعين زميله السابق بيتر تايلور حارس مرمى ميدلسبره السابق مساعدا له، لتبدأ شراكة تدريبة استمرت لعقدين، ولم تكن البداية سيئة من مدرب كان يمر على المحال التجارية في مدينة النادي لجمع التبرعات المالية لدعم موارد ناديه، وبعد مشاكل افتعلها مجلس الإدارة، تم فصل الثنائي، والذي ترقى بالنادي لأول مرة في تاريخه.

ولكنهما لم يخرجا من تجربتهما خاليا الوفاض، فقد اكتشفا لاعبين سيكون لهما دورًا هام في المستقبل، وهما حارس المرمى ليس جرين، وجون ماكجفرن البالغ من العمر 16 عامًا حينها، حيث كانا ورقتيهما الرابحتين خلال مسيرة الإنجازات المقبلة.

- المرحلة الأولى من صناعة المجد:

لم يكن نادي ديربي كاونتي يعرف الترقي لدوري الدرجة الأولى لسنوات كثيرة سبقت قدوم الأسطورة كلوف، وفي عام 1967 انتقل الثنائي إلى النادي الحالم باللعب مع الكبار، ورغم عدم صعود كلوف بهم في موسم توليه القيادة الأول، إلا أنه بدأ في إرساء الأسس اللازمة لنجاحه في المستقبل من خلال توقيع العديد من اللاعبين الجدد، بينهم روي مكفارلاند، جون أوهير، جون ماكجفرن، آلان هينتون و ليس جرين، وقاموا بالتخلي عن أغلب لاعبي الفريق والإبقاء على كيفن هيكتور، آلان ديربان، رون بستر وكولن بولتون، فقط، ليصنع كلوف فريقه الذي لم يخسر في 22 مباراة على التوالي، ويصبح موسم 1968-1969 هو الوقت الذي انتظره النادي المحبط للترقي إلى الدوري الممتاز كبطلاً لدوري الدرجة الثانية، وخلال 3 سنوات فقط وصلت الأسطورة لذروتها، حيث توج النادي المغمور بلقب الدوري الإنجليزي، بعد صراع مع ليفربول وليدز يونايتد ومانشستر سيتي على اللقب، وتصدر "ديربي" جدول المسابقة بفارق نقطة واحدة بعد أن لعب مباراته النهائية، والتي فاز فيها 1-0 على ليفربول. لترتسم ملامح الظاهرة القيادية، في مدرب يكره الصحافة وأسألتها، ويشتهر بقدرته على تحويل أي مباراة من الهزيمة للفوز، ويحظى بالاحترام والتقدير الشديدين بين مدربي عصره والذين لقبوه بالـ"السيد كلوف".

ورغم عدم قدرة "ديربي" في الحفاظ على لقب الدوري، منهيًا موسمه التالي في المركز السابع، إلا أن مدربه الأسطورة أخذ بيده لنصف نهائي كأس الاتحاد الأوروبي في عام 1973، قبل خروجه على يد يوفنتوس بنتيجة 3-1 في أبريل، في مجموع المباراتين، ليخرج كلوف مصرحًا للإعلام "الفريق الإيطالي مجموعة من الأوباش والأوغاد، ولا يحسنون إلا الغش، ولو كانوا شجعانا لم يكن لينهزموا في الحرب العالمية الثانية".

وفي الخامس من أغسطس عام 1973، بدأ كلوف في كتابة مقالاته لصحيفة "صنداي إكسبريس"، حيث بدأت النزاعات بينه وبين أندية البريميرليج والقائمين على البطولة، بعد أن اتهم رئيس نادي ليدز بتحريض لاعبيه على اللعب بخشونة ضد الفرق الأخرى، وطالب بهبوطه للدرجة الثانية عقابًا له، ولم يمر شهران حتى اجتمع مجلس إدارة "ديربي" لإقالة الصديقان كلوف وتايلور، لإثاراة الأول للمشكلات الإعلامية، وتوسع دور الثاني الملحوظ في النادي، ولكن لم يحظ قرار إقالة الأسطورة وزميله بالإجماع، وتأجل بحث قرار الإقالة لـ4 أشهر، وبعد يومين رد الاستثنائي كلوف على الإدارة بقيادته لفريقه للفوز على مانشستر يونايتد، بهدف دون رد على أرضه ووسط جمهوره بأولد ترافورد، وتمت إقالته على الرغم من ذلك، لتضع الإدارة نفسها في موقف محرج أمام جماهير الفريق، والتي طالبت بإقالة الإدارة أيضًا، لتفريطها في الرجل الذي جعل العالم كله يوجه أنظاره نحو "ديربي" المغمور.

 

- قمة المجد:

فى 6 يناير 1974 وقع كلوف مع نوتينجهام فورست، والذى كان يحتل المركز الـ13 فى دورى الدرجة الثانية، وكانت أول مواجهة له مع فريقه الجديد أمام توتنهام فى الكأس الإنجليزية، ولم يضع وقتًا كثيرًا في التعرف على خبايا الفريق ومراكز قوته وضعفه ليفوز في أول مباراة بهدف دون رد، وانضم إليه مساعده السابق بيتر تايلور من جديد، لينجحا فى الصعود إلى الدورى الممتاز، وفى أول موسم لهما فى الدورى 76-77 احتلا المركز الثالث فى الدورى الإنجليزى وفى الموسم التالى فازا بكأس الكارلينج عقب الفوز على ليفربول، بهدف قاتل، في المباراة التي أقيمت فى ملعب أولد ترافورد، وأتبع اللقب بالتتويج بلقب الدورى بفارق سبع نقاط عن الوصيف ليفربول .

وفى الموسم التالى 78-79 استقطب الظاهرة كلوف لاعب برمنجهام سيتي، تريفور فرانسيس، صاحب الـ 24 عامًا، وأفضل لاعب فى إنجلترا حينها، مقابل مليون جنيه إسترلينى، والتي مثلت صفقه خيالية في ذلك التوقيت، وفازوا بكأس الكارلينج مرة أخرى بعد فوزهم فى النهائى على ساوثهمبتون 3-2، وقاد الأسطورة فريقه لوصافة الدوري خلف ليفربول المتصدر، وجاءت المفاجأة التي هز بها كلوف أرجاء العالم، وهي التتويج بلقب دورى الأبطال بعد هزيمة مالمو السويدي في المباراة النهائية بهدف دون رد، في الملعب الأوليمبي بميونيخ ، وفازوا بلقب السوبر الأوربى فى نفس العام . وفى العام التالى جددوا فوزهم بلقب دوري الأبطال عقب الفوز على هامبورج الألمانى بنفس النتيجة 1-0 في السانتياجو برنابيو، ووصلوا إلى نهائى كأس الكارلينج، ولكنهم تلقوا هزيمة أمام ولفرهامبتون، أما لقب السوبر الأوربى فخسروه أمام فالنسيا الإسبانى.

ولم يكن الفوز بدوري الأبطال مرتين متتاليتين هو الإنجاز الأبرز، ولكن كلوف لم يهزم فى الدوري من نوفمبر 1977 إلى ديسمبر 1978 فى 42 مباراة، أي ما يعادل موسم كامل وقتها، ولكن هذا الرقم حطم بعد ذلك على يد آرسنال برصيد 49 مباراة .

وشارك الفريق تحت قيادته فى كأس الاتحاد الأوربى مرتين، الأولى كانت فى عام 83-84 وخرج الفريق فيها من الدور نصف النهائى أمام أندرلخت البلجيكى وقتها وحصدوا المركز الثانى فى الدورى الإنجليزى هذا العام وصيفا للريدز الذي كان سيدًا لإنجلترا في ذلك الحين، وكانت المرة الثانية في موسم 84-85 وخرجوا من الدور الأول أمام كلوب بروج البلجيكى .

وعاد الظاهرة الإستثنائية من جديد لإحراز الألقاب مع الفريق موسم 88-89 عندما قاد الفريق للفوز بلقب كأس الكارلينج على حساب فريق ليتون تاون فى المباراة النهائيه وخرجوا فى نصف نهائى الكأس أمام ليفربول فى الحادثة الشهيرة كما أنهم كانوا فى صراع قوي على لقب الدوري لكنهم حلوا فى المركز الثالث بعدما ذهب اللقب لآرسنال فى هذا الموسم، وفى العام التالى قاد الفريق للفوز بلقب الكارلينج مجددا على حساب أولد هام أتليتك بنتيجة 1-0 ليصبح أول مدرب يفوز بلقب الكارلينج 4 مرات.

الأسطورة كلوف الذي اكتشف العديد والعديد من النجوم أبرزهم روي كين، عرض عليه تدريب مانشستر يونايتد بعد رحيل إنكيستون وقبل قدوم السير أليكس فيرجسون ولكن إدارة مانشستر يونايتد لم تكن قادره على تحمل راتبه وقتا مما جعلهم يتجهوا لجلب مدرب منتخب إسكتلندا وقتها أليكس فيرجسون الذى اصبح بعد ذلك أستاذ الأساتذة. وعرض على كلوف أيضًا تدريب منتخب ويلز فى 1987 بالإشتراك مع نوتنجهام لكنه رفض، وقال "أن هذا ليس من أصول التدريب أن تقود فريقان فى نفس الوقت".

- النهاية المؤلمة للأسطورة:
حاول كلوف مكافحة إدمانه للكحول والذي بدأ منذ عام 1970، وفى عام 2000 تم تكريمه وإقامة تمثال له أمام مقر نادي نوتنجهام فورست، وفى عام 2003 خضع كلوف لعملية زراعة كبد بعد 30 عام من الإفراط فى شرب الكحول ولكنه توفى بعدها بـ20 شهر، بعد معاناة وصراع مع الكبد والسرطان الذى تمكن منه، لتنتهي أسطورة من غرائب كرة القدم، وتطوى معجزة كروية تتعاقب الأجيال في الوقوف أمامها واستلهام سحر الكرة، وعظمة صناعة المجد بأقل الإمكانات.

 

تعليقات الفيسبوك

«رفض يقعد دكة لشوبير».. شلبي يكشف كواليس استبعاد الشناوي

الأكثر قراءة

تطورات جديدة بشأن موقف ثنائي الزمالك من الاستمرار