رئيس مجلس الادارة:

د.محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

"الوطن سبورت" يرصد قصص "المعاناة" التى صنعت أبطال البارالمبية

02:20 م | الثلاثاء 20 سبتمبر 2016
"الوطن سبورت" يرصد قصص "المعاناة" التى صنعت أبطال البارالمبية

بعثة مصر

«التحدى» فى الحياة هو شعارهم، يؤمنون بمقولة «من قلب المأساة يولد الإنجاز»، ليثبتوا للعالم أن الإعاقة ليست فى الجسد، ولكن فى الإرادة، وأن معاق «العزيمة» يعانى أكثر من صاحب العيب الجسدى، يأتى ذلك بعد أن تمكنت البعثة البارالمبية المصرية من حصد 11 ميدالية فردية متنوعة ما بين ذهبية وفضية وبرونزية، ليرفعوا العلم المصرى بمدينة ريو دى جانيرو البرازيلية، التى استضافت دورة الألعاب البارالمبية، ويصبحوا حديث العالم بإصرارهم وقوة إرادتهم التى تحمل رسالة للعالم، وتعطى نموذجاً فى التحدى.

«الوطن سبورت» رصد أبرز قصص الأبطال المصريين، التى كانت سبباً رئيسياً فى تغيير حياتهم، ومنحهم لقب «أبطال»، بعد أن واجهوا الأزمات والمواقف التى قابلتهم سواء قبل البطولة، أو على مدار تاريخهم الرياضى.

«إنتَ مسافر كمالة عدد».. الجملة التى نصَّبت «شعبان الدسوقى» ملكاً

«إنتَ مسافر معانا كمالة عدد».. جملة قالها أحد المدربين له منذ 18 عاماً، وتحديداً خلال مشاركته بأول بطولة عالم فى حياته، إلا أن تلك الجملة لم تفارقه منذ ذلك الحين، ليقرر بعدها أن يثبت أنه لا يقل عن أى بطل، ليتوج بخمس ميداليات بارالمبية فى تاريخه الحافل بالإنجازات.

ويروى شعبان الدسوقى، صاحب برونزية وزن 65 كجم، لـ«الوطن»: «فى بطولة العالم بدبى عام 1998 كانت المشاركة الأولى لى، وكنت الوحيد ضمن الفريق الذى لم يحقق ميدالية، حيث حصلت على المركز الخامس». وأضاف: «رُحت للمدرب أفضفض معاه عشان كنت مضايق، ليكون رده مفاجأة بالنسبة لى، فوجدته يقول لى انت لسه صغير واحنا جايبينك كمالة عدد».

وصف البطل، صاحب الـ41 عاماً، تلك الكلمة بـ«الصادمة»، وظل يبكى بشدة بعدها، ليقرر بداخله ألّا يسمع هذا الكلام مجدداً، وأن يصبح بطلاً يتحدث عنه الجميع، وهو ما تمكن من تنفيذه بتحقيق العشرات من الميداليات فى مختلف البطولات، ليحصد خمس ميداليات بارالمبية متتالية بدأها بالفضية عام 2000، ثم ذهبية، ليحصد ثلاث ميداليات برونزية فى ثلاث دورات متتالية، ليختار أن تكون مدينة ريو دى جانيرو محطته الأخيرة مع رياضته التى أفنى حياته من أجلها.

رحاب.. «الإنجاب» كاد يحرمها من المشاركة لتحارب وتعود بـ«الفضية»

فى عامها الـ21، وتحديداً عام 2012، بدأت مشوارها مع اللعبة بعدما اقترح عليها مدربها أن تخوض التجربة وتمارس رياضة رفع الأثقال، ومع حبها للعبة ومتابعتها لها، قبلت التحدى، وقررت احترافها.

طريق رحاب أحمد فى مشوارها الرياضى القصير كان مفروشاً بالذهب، حيث تمكنت من التتويج بالميدالية الذهبية فى العديد من البطولات المحلية والعالمية، وكان ذلك دافعاً رئيسياً لها لإقناع زوجها بالاستمرار فى الرياضة بعد الزواج خاصة فى ظل تفوقها الواضح بها، رغم تحفظه على ذلك فى البداية. فى عام 2014، كانت نقطة التحول فى مشوار بنت مدينة الشرقية، بعد أن منعتها ظروف ولادة نجلتها الوحيدة «رانسى» من المشاركة ببطولة العالم المؤهلة للأولمبياد، ومع تقديمها الاعتذار عن المشاركة فى وقت متأخر، كادت تُحرم من المشاركة بالدورة البارالمبية بعد غياب اسمها عن التصنيف.

وتقول البطلة صاحبة الميدالية الفضية فى وزن (-50)، فى أول مشاركة لها بـ«العرس البارالمبى» أن جهود اللجنة البارالمبية المصرية ساهمت فى مشاركتها ببطولة أوروبا المفتوحة بالمجر، والتأهل للدورة بعد حصد الميدالية البرونزية، مضيفة: «أهدى هذه الميدالية إلى والدتى التى عانت كثيراً فى تربية نجلتى لظروف انشغالى بالتدريبات، وزوجى الذى تحملنى كثيراً، وابنتى التى أفعل كل ذلك من أجلها».

الأسطورة «فاطمة».. من أزمة «الإيقاف» إلى منصة التتويج

خلال مراسم تتويجها للمرة الخامسة على التوالى بالدورة الحالية، لفتت فاطمة عمر الأنظار بدموعها، بعد أن فقدت ميداليتها الذهبية المفضلة، والتى تُوّجت بها أربع مرات سابقة، جعلت منها أسطورة عالمية فى رياضة رفع الأثقال، إلا أن عدم اعتياد البطلة المصرية على المركز الثانى والميدالية الفضية جعل حزنها يطغى على سعادتها بالتتويج. ورغم حزن البطلة، اعتبرتها الجماهير المصرية بطلة تستحق الاحترام، ليس فقط على مشوارها الحافل طيلة 20 عاماً هو عمرها فى الملاعب، ولكن بسبب عودتها بعد الإيقاف من جانب اللجنة البارالمبية الدولية بسبب تعاطيها دواءً بشكل خاطئ، والذى كاد يحرمها من المشاركة بالدورة الحالية، لولا إنصاف المحكمة الرياضية الدولية «كاس» لها وقبول الطعن، ما أدى إلى تقليل العقوبة من الإيقاف عامين إلى الإيقاف لمدة عام واحد فقط، لتشارك بالدورة وتحصد ميدالية بارالمبية جديدة.

وتقول «فاطمة» إنه رغم الفترة العصيبة التى مرت بها خلال أزمة الإيقاف فإنها كانت قادرة على التتويج بالميدالية الذهبية، متهمة «سوء التقدير» و«الأخطاء الفنية» بعدم اللحاق بتغيير الثقل الذى كان مقرراً أن ترفعه فى المحاولة الأخيرة، والذى كان سيحسم الذهبية لصالحها، مما كان له الدور الأكبر فى ضياع الذهبية الخامسة فى تاريخها.

«الديب».. بطل تحدَّى «بتر قدميه» بذهبيتين بارالمبيتين

فى قرية «حبيش» التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية، نشأ محمد ممدوح الديب كأى شاب، كان يحلم بأن يصبح بطلاً رياضياً ويلتحق بكلية التربية الرياضية، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، حيث تغيرت حياته رأساً على عقب وهو لم يكمل عامه الـ21.

فى عام 2000، تعرض «الديب» لحادث قطار أسفر عن بتر قدميه، إلا أن إيمانه القوى وإرادته الحديدية وقفا حائلاً بينه وبين الاستسلام، ليحول حلمه إلى حقيقة بعد أن قرر ممارسة رياضة رفع الأثقال عام 2001 بنادى السلام الرياضى بطنطا، ليتنقل بين الأندية ويستقر به الحال فى نادى المصرية للاتصالات.

بعد انضمامه للمنتخب الوطنى لرفع الأثقال عام 2007، تمكن البطل الذى قرر تحدى إعاقته من التتويج بأكثر من 15 ميدالية متنوعة، أبرزها تتويجه بذهبية الدورة البارالمبية لندن 2012، وآخرها حصد ذهبية الدورة الحالية محطماً رقماً بارالمبياً جديداً فى منافسات وزن 97 كجم، ليرفع العلم المصرى والنشيد الوطنى خلال «العرس البارالمبى»، ويضرب مثلاً يحتذى به فى الإصرار والتحدى.

بعد وفاة والدها.. «أمانى» تستلهم «العزيمة» من المصيبة

استلهام العزيمة من «المصيبة»، هو أقوى تحدٍّ يقبله الإنسان حيث يمر بـ«موقف» قد يكون الأصعب فى حياته، وهو الأمر الذى حدث مع الربّاعة المصرية أمانى إبراهيم، صاحبة برونزية وزن 73 كجم بالدورة الحالية. «يا حبيبى يا بابا».. جملة رجّت أرجاء صالة رفع الأثقال التى استقبلت المنافسات بمدينة ريو دى جانيرو، بعدما قالتها البطلة صاحبة الـ40 عاماً، وهى تبكى خلال مراسم التتويج، فى أقوى تعبير لامتزاج مشاعر الحزن والفرح داخلها فى تلك اللحظة.

قبل انطلاق الدورة البارالمبية بأيام، تلقت أمانى الخبر الأصعب فى حياتها، بوفاة والدها، لتجد نفسها أمام اختيارين، إما ضياع حلمها الذى تستعد له منذ أربع سنوات، أو استكماله والمشاركة وسط حالتها النفسية السيئة، ومواصلة التحدى الذى بدأته منذ أن دخلت المجال الرياضى، لتقرر المشاركة فى النهاية.

وبعد 12 عاماً من غيابها عن منصة التتويج بالدورات البارالمبية، وتحديداً منذ حصدها برونزية دورة أثينا عام 2004، عادت أمانى للتتويج مجدداً، لتثبت مقولة «من باطن الغيوم السوداء ينشق شعاع النور».

عمرو فاروق.. البطل الذى تخطى أزمة «المكملات منتهية الصلاحية»

رغم انضمامه للمنتخب الوطنى منذ عام واحد فقط، سجل عمرو فاروق اسمه بأحرف من ذهب بعد تتويجه بفضية وزن «+107 كجم»، فى أول مشاركة له بـ«العرس البارالمبى»، ليصبح أحد أهم الأبطال الصاعدين بسرعة الصاروخ، خاصة أنه لم يتخطّ عامه الـ24. فى بداية مشواره مع المنتخب، وتحديداً ببطولة المجر عام 2015، اصطدم اللاعب بموقف كاد يتسبب فى ابتعاده عن اللعبة تماماً، ليس ذلك فقط، بل كاد يسبب له مشاكل صحية وخيمة، وذلك بعد أن اكتشفت المنظمة المصرية لمكافحة المنشطات «النادو» حصول اللاعب على مكملات غذائية منتهية الصلاحية. بدأت القصة بعدما اشتكى والد اللاعب بعد عودته من البطولة، بأن مدربه، حينها، قام ببيع حقن مكملات غذائية للاعب وحقنها له بنفسه خلال البطولة، أدت لمتاعب صحية للاعب، ليكشف التحليل عن أن تلك المكملات منتهية الصلاحية، وتؤثر على الكبد، ليتم إيقاف المدرب لمدة أربع سنوات.

بعد شهر من تلك القصة، خرجت آثار الدواء من جسد اللاعب، ليعود لممارسة اللعبة، ويصبح أحد أبطال الدورة البارالمبية الحالية الذين رفعوا العلم المصرى بالمحفل الدولى.

«السيد».. رفض تبخر حلمه فى 2007.. وحققه بعد 9 سنوات

فى عام 2007 كاد ينتهى حلمه، وتحديداً خلال البطولة العربية لرفع الأثقال التى توج خلالها بالمركز الأول والميدالية الذهبية، بعدما اعترض عليه أحد الأطباء، متحججاً بأن الحد الأدنى للإعاقة لا ينطبق عليه. حرم تشكيك الطبيب للبطل المصرى محمد السيد من المشاركة فى دورتى بكين ولندن 2008 و2012، بعدما خشيت اللجنة البارالمبية من الاعتراض عليه طبياً، إلا أنه لم يستسلم لليأس، ليواصل الانتصارات على المستوى المحلى، إلى أن أنصفته اللجنة الطبية بدورة الألعاب الأفريقية عام 2015، والتى أثبتت بالأشعة وجود ضمور فى قدمه، ليتم تأهيله للدورة البارالمبية بريو دى جانيرو. وكعادة الأبطال، تمكن «السيد» من تخطى تلك الفترة العصيبة فى مشواره الرياضى، ليحقق فضية منافسات وزن 107 كجم، رافعاً ثقل بوزن 233 ومحطماً رقماً بارالمبياً جديداً، ليكتب اسمه ضمن الأبطال متحدى الإعاقة، الذين تمكنوا من تحدى الظروف فى طريقهم نحو منصات التتويج البارالمبية.

الرباع المصرى أكد أن إنجازه ليس من فراغ وأن الإعاقة لم ولن تكون حائلاً بينه وبين تحقيق حلمه بحصد ميدالية فى الدورة البارالمبية، مشيراً إلى أن الظروف الصعبة التي تعرض لها لم تكن إلا حافزاً على حصد الميدالية، وأنه كان يتمنى أن يحصل على الميدالية الذهبية ليكتمل الحلم حتى نهايته، إلا أنه أشار إلى سعادته بهذا الإنجاز الكبير.