رئيس مجلس الادارة:

د.محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

نجولو كانتي.. «بائع القصب وعامل النظافة» بمونديال 98 لنجم فرنسا في يورو 2020

11:02 ص | الأربعاء 09 يونيو 2021
نجولو كانتي.. «بائع القصب وعامل النظافة» بمونديال 98 لنجم فرنسا في يورو 2020

نجولو كانتي.. «بائع القصب وعامل النظافة» في مونديال 1998 تنتظره يورو 2020

صاحب البشرة السمراء والقلب الأبيض، بائع القصب وعامل النظافة، اللاعب المحوري وقلب الوسط النابض في أرجاء الملعب، أي شئ تحب أن تقوله في هذا الرجل فهو وسام على صدره أبد الدهر، هو النجم الفرنسي ذو الأصول المالية نجولو كانتي، الذي كرمته كرة القدم بعد سنوات من الشقاء والتعب والعناء في سبيل البحث عن «لقمة العيش»، والذي عانى منذ طفولته حتى يرعى أمه وأخواته في ظل الحياة الكادحة التي نشأ فيها إلى أن من الله عليه وكافأته الساحرة المستديرة، بعد إخلاص وعزيمة وإرادة، ليكون أحد أفضل لاعبي العالم في الفترة الحالية، ولما لا يكون الأفضل عالميا حاليا، بشهادة القاصي والداني لما تابعوه في الموسم الماضي رفقة فريقه تشيلسي ومن قبله منتخب بلاده فرنسا.

نجولو كانتي لاعب لا غنى عنه، حاليا، في وسط ملعب تشيلسي أو منتخب الديوك الفرنسي، فالجميع يعرف مهارات التدخل والاعتراض الرائعة، ومع ذلك لم يقرأ الكثيرون سيرته الذاتية وهي شئ مثير للاهتمام بداية من مولده في 29 من شهر مارس 1991 في باريس فرنسا، إذ ولد لأبوين مجهولي النسب لعائلة من الطبقة الكادحة، وبعدها هاجر والدا كانتي لفرنسا من مالي في عام 1980 للبحث عن مراعي في بلاد الفرنجة.

قصة نجولو كانتي في كرة القدم قبل يورو 2020

«كانتي» المولود كأول طفل لأربعة أخوة وأخوات، كان أكبرهم عندما مات والده، إلا أنه كان لا يزال صغيرا جدا في العمر، ومنذ الصغر حل به الشعور بالمسؤولية، إذ تركت وفاة والد كانتي على والدته تحمل عبء الأبوة والأمومة.

معاناة نجولو كانتي بدأت مبكرا على عكس أطفال كثر يحظون بحياة الرفاهية في سن الطفولة، لكن الظروف المحيطة باللاعب الفرنسي جعلته يعرف قيمة العمل الجاد، لأنه رأى أنها الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يحقق بها شيئا، فقد نشأ في كان رويل مالميزون وهي منطقة صغيرة وضخمة من ناحية الكثافة السكانية، وعمل نجولو كانتي كجامع للقمامة، في الوقت الذي كانت والدته تعمل كمنظفة منازل من أجل إعالة الأسرة. 

عمل كانتي في القيام بجمع القمامة جعله يمشي لمسافة كيلو مترات حول ضواحي شرق باريس بحثاً عن النفايات القيمة لجمعها وتسليمها لشركات إعادة التدوير الصغير «النقد السريع»، ولكنه كان يعلم جيدا أن جمع القمامة سيجعل عائلته فقيرة باستمرار فسعى لإيجاد بدائل للحرية المالية ومستقبل أفضل له ولعائلته.

ظهور كانتي في عالم كرة القدم لم تكن بدايته كلاعب كبير، مثلما هو حاله الآن، لكن حكايته مع الساحرة المستديرة جاءت بينما كانت فرنسا تستقبل كأس العالم 1998، فقد ظهر الشاب اليافع نجولو كانتي في ملاعبها واذهر ماليا من خلال جمع المزيد من الأموال من جمع القمامة التي أسقطها مشجعو كرة القدم عبر الملاعب، وفعل ذلك لكسب الأموال التي استثمرها في شيء يستحق العناء.

كيف ظهر نجولو كانتي في مونديال 1998

وفي أعقاب نهاية مونديال 1998، الذي توج به الديوك، رأى كانتي فرنسا دولة مختلفة، لقد رأى دولة مليئة بالفرص التي كان مجدها الكروي ومستقبلها على أكتاف المهاجرين إليها، ولم يكن يعلم حينها أنه سيكون كتفا لبناء مجد فرنسا الكروي مجددا، وكان هذا هو الوقت الذي تعرّف فيه على أسماء المهاجرين الأفارقة الذين ساعدوا الديوك لحصد كأس العالم 1998.

في الثامنة من عمره، كان كانتي طامحا في أن يأخذ كرة القدم كمهنة بعدما لاحظ الكثير من أكاديميات كرة القدم قد ظهرت بالقرب من منزله، ولم يمض وقت قبل أن تصبح تطلعاته واقعا حيث بدأ مسيرته في JS Suresnes في الضواحي الغربية لباريس، وعند التسجيل في النادي كان الجميع ينظر إليه باعتباره النجم الأصغر والأكثر تركيزا، وفي البداية أدت مكانته الصغيرة ومظهره لتساؤل العديد من زملائه حول من أين أتى وهل يستطيع أن يستمر في ذلك.

نجولو كانتي كان إنسانا به صفات التواضع، بيير فيل، مدير أعمال النجم الفرنسي، والذي قال: «ظل كانتي خارج رادار الفرق الكبيرة بسبب مظهره الصغير، وفي ذلك الوقت كان يقوم بمعالجات طوال اليوم، ويأخذ الكرة من أحد طرفي الملعب ويحملها إلى الطول الآخر من الملعب، كان هذا روتينه التدريبي الخاص الذي لم يدرسه أحد».

وبدأ كانتي في النمو، بعدما أمضى حوالي 4 سنوات في النادي، وكان هذا هو الوقت الذي أصبحت فيه شخصيته ومسار حياته المهنية واضحين، وفي وقت ما، جعلت شعبية كانتي هو اللاعب المفضل والأكثر إخلاصًا للنادي.

مدربه فوكتينا في تلك الفترة يحكي قائلا: «في ذلك الوقت، كان كانتي هو اللاعب الوحيد يفعل كل ما يطلب منه حرفيا، لقد مازحت كانتي مرة قبل عطلة، أخبرته سأمنحك شهرين لتلعب بالكرة 50 مرة بقدمك اليسرى، 50 مرة بقدمك اليمنى و50 مرة برأسك، بعد شهرين، فعلها، لقد صدمت».

وبعد سنوات قليلة، أدى عمل كانتي الشاق إلى جانب صفاته المحببة لانتقاله إلى بولوني حيث لعب بين عامي 2010 و2012، ثم انتقل لإنجلترا عبر بوابة ليستر سيتي، وأثناء وجوده في النادي، حصل على الكثير من الثناء على عروضه الرائعة باستمرار، وكان عاملا رئيسيا في المستوى الممتاز للنادي حيث حصد الدوري الإنجليزي الممتاز بريميرليج موسم 2015-16.

وفي 2016، انضم كانتي إلى تشيلسي وحصل معه على لقب بريميرليج، وتم اختياره أيضًا في فريق PFA لهذا العام للموسم الثاني على التوالي، وفي 2018 حصد لقب المونديال مع منتخب فرنسا في روسيا، وحينها رأى كانتي نفسه يقلد أبطاله السابقين في كأس العالم 1998 الذين لم يفوزوا بكأس العالم فحسب، بل ألهموه ليصبح لاعب كرة قدم.

وقدم كانتي مساعدة مالية لأخيه ووالدته لبدء أعمالهما التجارية، وفي 2019 حصل على لقب الدوري الأوروبي، ثم توج في الموسم المنقضي بلقب دوري أبطال أوروبا، حتى أصبح من اللاعبين المنتظر ظهورهم بشغف في بطولة أمم أوروبا يورو 2020 رفقة الديوك.