رئيس مجلس الادارة:

د.محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

«هروب اللاعبين» و«الهجرة غير الشرعية المقننة».. كوارث تهدد المصارعة المصرية

10:38 ص | الخميس 21 ديسمبر 2017
«هروب اللاعبين» و«الهجرة غير الشرعية المقننة».. كوارث تهدد المصارعة المصرية

المصارعة فوق منصة التتويج بتواجد عبد اللطيف منيع

نقلا عن العدد الورقي 

واحداً تلو الآخر انفرط عقد المنتخب الوطنى للمصارعة بسبب انتشار ظاهرة هروب اللاعبين، الذين فضلوا الرحيل لبلدان أخرى بحثاً عن رعاية أفضل ومستقبل أفضل فى ظل حالة الإهمال التى يعانون منها سواء صحياً أو مادياً، أو حتى على مستوى التدريب الذى لم يجدوا فيه ما يساعدهم على تحقيق بطولات، قبل أن يفاجأوا بعد ذلك أنه تتم محاسبتهم على تحقيق ميداليات.

طارق عبدالسلام هرب إلى بلغاريا ونجح فى تحقيق ذهبية بطولة أوروبا تحت العلم البلغارى، ومع تولى اتحاد جديد لزمام إدارة المصارعة المصرية، هرب لاعب آخر هو إبراهيم غانم «الونش» الذى ترك البعثة أثناء عمل ترانزيت فى إيطاليا خلال رحلة العودة من بولندا التى كانت تستضيف بطولة العالم للشباب.

«الوطن» فتحت ملف ظاهرة هروب اللاعبين، وتحديداً من اتحاد المصارعة، لتحديد الأسباب التى أدت إلى انتشار تلك الظاهرة ومدى وجود محاولات لعلاجها من الاتحاد الجديد، وتم الكشف عن ظاهرة أخرى عبارة عن «هجرة غير شرعية مقننة» بحصول اللاعبين على تأشيرات بعض الدول للمشاركة فى بطولات رياضية ثم يهربون دون المشاركة فى البطولة للإقامة والعمل فى تلك الدولة.

 

«كتير بيكلمونى عشان أجيبهم معايا هنا»، تلك هى الرصاصة التى أطلقها طارق عبدالسلام، لاعب المنتخب الوطنى السابق للمصارعة، الذى رحل إلى بلغاريا بعدما تم إهماله فى مصر، ورفض الاتحاد السابق تحمل تكاليف علاجه، ولعب تحت العلم البلغارى فى بطولة أوروبا ليحصد الميدالية الذهبية وتهتم به جميع وسائل الإعلام العالمية، وبعد هدوء العاصفة تحدث طارق مع «الوطن» مؤكداً أن أكثر من لاعب فى المنتخب الوطنى من زملائه السابقين والحاليين يتحدثون معه بحثاً عن فرصة للهرب.

«لم ألعب بطولة العالم الأخيرة بسبب تعرضى لإصابة فى العضلة القطنية بالظهر، والفارق أننى عندما تعرضت للإصابة فى اليوم التالى مباشرة توجهت للمستشفى تحت إشراف الاتحاد لعلاجى، أما لو كنت فى مصر وتعرضت لإصابة كان سيتم علاجى بعد 3 أشهر على الأقل فى انتظار قرار الوزارة بتحمل النفقات، لدرجة أننى فى إحدى المرات تأخر علاجى عندما تعرضت لإصابة فى الركبة بسبب رفضى كتابة تقرير يدين محمود فتح الله، مدربى السابق فى المنتخب»، تلك هى كلمات طارق عبدالسلام، الذى كشف عن صعوبة منظومة العمل فى المناخ الموجود بمصر بسبب ما وصفه بالروتين، وسياسة المصالح التى تسيطر على إدارة الرياضة المصرية.

طارق عبدالسلام: لاعبو المنتخب يطلبون مساعدتى للرحيل بسبب قلة الإمكانات.. ورئيس الاتحاد الجديد: نسعى لعلاج المشكلات الموروثة من أسلافنا

«عبدالسلام»: فزت ببرونزية بطولة العالم فى مصر فحصلت على 9 آلاف جنيه.. وبعد حصولى على ميدالية قارية فى بلغاريا نلت 20 ألف يورو

 

وأضاف طارق عبدالسلام، الموجود فى بلغاريا، خلال تصريحاته لـ«الوطن»: «عندما حصلت على الميدالية البرونزية فى بطولة العالم للشباب حصلت على 9 آلاف جنيه مكافأة، وأكبر مبلغ حصلت عليه عندما كنت ألعب فى مصر كان 60 ألف جنيه من وزارة الشباب والرياضة بعد حصولى على ميدالية فى دورة ألعاب البحر المتوسط، والمبلغ ضئيل جداً مقارنة بحصولى على 20 ألف يورو عندما فزت بذهبية بطولة أوروبا هنا والموازية لبطولة أفريقيا إذا كنت لاعباً فى المنتخب الوطنى».

المشكلة الثالثة التى تحدث عنها طارق عبدالسلام تتعلق بالمرتب الشهرى الذى يناله كل لاعب فى مصر والذى لا يتجاوز 900 جنيه، فبالتالى يضطر أى لاعب للبحث عن مهنة أخرى لتغطية مصاريفه ونفقات أسرته، وقال: «ماذا كنت سأفعل بذلك المبلغ لو كنت موجوداً فى مصر حالياً؟ فراتبى حالياً وصل إلى 1500 يورو ورغم ارتفاع الأسعار إلا أن راتبى من الاتحاد البلغارى يكفينى ولا أضطر للبحث عن وظيفة أخرى».

وحول برامج التدريب التى يتم تطبيقها فى مصر أكد طارق عبدالسلام أن الاهتمام فى مصر يكون ضئيلاً جداً، ويكون عبارة عن معسكر قبل البطولة بـ20 يوماً فقط، ثم السفر للبطولة وبعد ذلك تفاجأ بأنك خسرت وتتم معاقبتك، أما فى بلغاريا أو أى دولة أخرى فالوضع مختلف ويتم التعامل مع الأمر باحترافية سواء على مستوى المعسكرات أو الطعام الذى نتناوله، وحتى فى حالة الخسارة لا تجد هجوماً أو عقوبات لأنهم يدركون جيداً أنها رياضة بها المكسب والخسارة.

مسئولون فى الاتحاد ساعدوا لاعبين للحصول على تأشيرات بخطابات مضروبة.. ولاعبون يهربون بحثاً عن فرصة عمل

تسعيرة الحصول على «فيزا» للولايات المتحدة وصلت إلى 200 ألف جنيه.. واستغلال أسماء لاعبين سابقين و«إيميل مضروب»

«الوطن» اكتشفت أيضاً أن بعض المسئولين السابقين فى اتحاد المصارعة كانوا يقومون بمساعدة لاعبين على الهرب من خلال بريد إلكترونى «إيميل» تم وصفه من قبَل بعض مسئولى الاتحاد الحاليين بالـ«مضروب» ويتشابه فى أحرف كتابته مع الإيميل الرسمى المعتمد لاتحاد المصارعة ويتم من خلاله مخاطبة اتحادات بدول مختلفة عن طريق إرسال كشف به أسماء لاعبين بعضهم من المنتخب الفعلى ولكنهم اعتزلوا، وآخرون قد يكونون لا يلعبون المصارعة من الأساس حتى يتسنى لهم الحصول على التأشيرة.

ووفقاً لمصدر داخل اتحاد المصارعة فإن من كان يسهل تلك العملية من داخل الاتحاد كان يحصل على مبلغ من 150 ألف جنيه إلى 200 ألف جنيه، وأن ذلك يندرج تحت بند الهجرة غير الشرعية المقننة بأنه يحصل على التأشيرة كلاعب يسافر للعب فى بطولة دولية ويهرب بعد ذلك للعمل فى أى دولة، وإن كانت معظم التأشيرات توجه إلى أمريكا، حيث سبق وتم اكتشاف تلك الحالات وأرسل الاتحاد خطاباً بأنه لم يطلب المشاركة فى البطولة من الأساس وتم تحويل اللاعبين إلى النائب العام.

المصرى الحائز على ذهبية بطولة أوروبا: تعرضت للإصابة فى ظهرى فذهبت للطبيب فى اليوم التالى.. ولو كنت هنا لعانيت بسبب الروتين والمصالح

لاعب منتخب الشباب: لم نحصل على مكافآت بطولة أفريقيا عن العام الماضى.. ونستعد للبطولة المقبلة من أموالنا الخاصة.. ورئيس الاتحاد يتعاطف مع طلبات اللاعبين

من جانبه، أكد عصام نوار، رئيس اتحاد المصارعة الجديد، أنه جاء على تركة مثقلة بالمشاكل، وأنه سيتصدى لظاهرة الهجرة غير الشرعية المقننة، وظاهرة هروب اللاعبين المصريين لتمثيل دول أخرى.

وقال «نوار»، فى تصريحاته لـ«الوطن»: «الظاهرة حقيقية لأن بعض منعدمى الضمير ساعدوا اللاعبين وغيرهم للسفر دون أن تكون للاتحاد رغبة فى المشاركة بالبطولات، وبالفعل تم القبض على 5 ممن حاولوا الهرب بهذه الطريقة فى العام الماضى، ولكننى سأمنع ذلك عن طريق مخاطبة كافة سفارات الدول عن طريق وزارة الخارجية بأنها حتى لو تلقت خطاباً من دولها بمشاركة لاعبين فى بطولة للسماح لهم بالحصول على تأشيرة فيجب أن تتم مخاطبة الاتحاد فى البداية للتأكيد على الطلب بالمشاركة».

 

«نوار»: سنخاطب السفارات لمنع سفر أى لاعب للمشاركة فى بطولة إلا من خلالنا.. وأبلغت لاعبى المنتخب بمقاضاة أى لاعب سيهرب أثناء المعسكرات الرسمية

 

وحول هروب لاعبى المنتخب الوطنى قال «نوار»: «تم انتخابنا منذ فترة وجيزة لم تكمل شهراً، ولكننى اجتمعت بلاعبى المنتخب الوطنى وأخبرتهم أننى لن أسمح بتكرار تلك الظاهرة وسأقاضى كل لاعب يقوم بالهرب للحصول على المبالغ التى تم إنفاقها عليهم وهو ما سأفعله مع طارق عبدالسلام وإبراهيم الونش، وأبلغت وزير الشباب والرياضة بأننى سأحرك دعاوى قضائية ضدهم وضد أولياء أمورهم للحصول على المبالغ التى أنفقتها الدولة عليهم».

وأعرب رئيس اتحاد المصارعة عن أسفه وتعاطفه الجزئى مع اللاعبين قائلاً: «المصارع يتقاضى 30 جنيهاً فى اليوم، أى ما يصل إلى 900 جنيه شهرياً، وهو مبلغ لا يسمح له بأكل العيش حاف، فبالتالى يلجأون للهروب، لكن ذلك من وجهة نظرى ليس مبرراً أن ترفع علماً غير بلادك التى احتضنتك وصنعت اسمك».

وأضاف: «اجتمعت بلاعبى المنتخب الوطنى الحاليين وأبلغتهم أن من سيقوم بالهرب مجدداً سيكون عقابه عسيراً وأن أهله سيتضررون من قراره، ومن يرغب فى الرحيل عليه أن يبلغ الاتحاد وسنساعده للخروج بشكل جيد من خلال توفير التأشيرة، وكذلك سأساهم من جيبى الخاص فى ثمن تذكرة السفر، ولكن الهروب وأنت على ذمة بعثة رسمية سيكون أمراً صعبا للغاية».

وشدد رئيس الاتحاد على أنه بدأ العمل مع أعضاء مجلسه لتطوير منظومة المصارعة المصرية لتشجيع اللاعبين على تمثيل المنتخب الوطنى، مؤكداً أن الاتحاد كان يعانى فى الفترات السابقة بسبب السياسات الخاطئة فى الإدارة، وأنه يعمل حالياً على تلافى تلك الأخطاء.

عبداللطيف منيع، لاعب المنتخب الوطنى للمصارعة للشياب، كشف أيضاً أنه كان قد قرر اعتزال اللعب نهائياً بسبب قلة الإمكانيات، ولكنه قرر التراجع بعد الضغط الكبير الذى تعرض له من قبَل والده.

وقال اللاعب: «إنه لا يوجد أى اهتمام من وزارة الشباب والرياضة، وهذا سبب أساسى لهروب اللاعبين من مصر، وأن من كانوا يديرون اللعبة يبحثون عن المناصب، دون الاهتمام بأى لاعب ممارس».

وأضاف «منيع» أن إهمال وزارة الرياضة يؤدى إلى ضعف النتائج فى المباريات التى لعبها المنتخب فى الآونة الأخيرة، أبرزها بطولة العالم التى أقيمت فى بولندا الشهر الماضى والتى حصل المنتخب الوطنى خلالها على المركز السابع بسبب عدم جاهزية اللاعبين للبطولة.

«منيع»: كنت فى طريقى للاعتزال.. الاتحاد السابق تسبب فى قتل جميع المواهب.. ومصروف الجيب للاعب 30 جنيهاً فقط

وقال «منيع» ساخراً: «مصروف جيب اللاعب اليومى لا يزيد على 30 جنيهاً يومياً، بالإضافة إلى مرتب شهرى وصلت قيمته حالياً لـ1800 جنيه، وهذا لا يكفى حتى التدريب، والمكملات الغذائية التى يتناولها اللاعبون للتدريب وخوض البطولات الدولية». وأشار إلى أن وزارة الرياضة لم تصرف لهم مكافآت بطولة أفريقيا الأخيرة والبالغ قيمتها 9 آلاف جنيه لكل لاعب، وأضاف: «خلال شهر فبراير المقبل سنخوض بطولة أفريقيا فى نيجيريا، فكيف سيصرف اللاعبون على أنفسهم قبل وخلال البطولة؟».

واختتم «منيع» تصريحاته بالتأكيد على أنه يتمنى أن يتمكن عصام نوار، رئيس الاتحاد الجديد، من القضاء على الفساد والمحسوبية فى المنتخب وعودة هيبة الاتحاد فى المحافل الدولية مجددا، مشيراً إلى أنه فى حالة عدم صلاح حال المنظومة ستهرب بقية المواهب المتبقية فى اللعبة إلى الخارج، وسيقرر آخرون الاعتزال.