عمرو وردة
لم يكن يتخيل محمد صفاء عامر مؤلف مسلسل "ذئاب الجبل"، أحد روائع الأعمال الدراما المصرية طوال تاريخها، أن البعض سيستعيد عمله بعد حوالي 30 عاما، من خلال الربط مع واقعة بمجال كرة القدم، بالتحديد أزمة اللاعب عمرو وردة مع منتخب مصر، وقرار استبعاده من قائمته المشاركة بكاس الأمم الأفريقية.
وردة بدار، الشخصية الثانية بالعمل ومحور أحداثه، اشتركت في اسمها مع لاعب الفراعنة "وردة"، إلا أن الأمر لم يقف عند ذلك الحد فقط، بل تخطاه لمخالفة العادات والتقاليد، المتعارف عليها في محيطهم، فالأولى تمردت على قوانين "بهتون الجبل" في الصعيد وتمسكت بالزواج من خارج قبيلة هوارة، معتقدة أن الأمر طبيعي، عكس ما يراه أهلها وشقيقها وابناء عمومتها، ما كلفها مغادرة بلدها والهرب بعيدا.
أما لاعب الفراعنة فسلك دربا غير ما تعودت عليه الجماهير المصرية من أعضاء الفريق الوطني، والذي أطلقوا عليه "منتخب الساجدين"، لشدة التزامهم وانضباطهم خلال العقود الأخيرة خارج الملعب قبل داخله، وهو الذي دفع ثمنه بقرار استبعاده من صفوف المنتخب الوطني خلال بطولة أمم أفريقيا 2019.
مسلسل ذئاب الجبل أنتج عام 1992، وبعدها بعام واحد فقط وُلد عمرو وردة، وفي "تقرير تخيلي" أعدته "الوطن سبورت"، ربط بين مسيرة اللاعب وأحداث العمل الدرامي التراثي، من خلال الأغاني التي تخللته لوصف الأحداث، من تأليف الراحل الراحل عبد الرحمن الأبنودي، والتي تصادف أنها تقترب من قصة "وردة"، البطلة واللاعب.
عمرو وردة مواليد محافظة الاسكندرية، بدأ مشواره الاحترافي في صيف عام 2015 بالانتقال لصفوف نادي بانيتوليكوس اليوناني، بعد أن فشل في لفت الأنظار إليه في مصر، بعد رحيله عن مصر ومع أول مرة في بلاد الأجانب، عاش وردة أجواء غريبة تخالف عاداته وتقاليده التي تربى عليها في مصر، مع الخوف من الفشل وأن تحسب عليه التجربة، وألا ينجح في الانضمام لمنتخب مصر ونسيانه بالخارج، لتناسبه أغنية المسلسل كلماتها: "خايف يا بدله تنسيني، أهلي وأيامي وطيني، ولهجتي ومحبيني، ويا هل ترى إن شوفتوني ياللي انتوا فتوني، من بعد ماتغيرت، دلوقت هتعرفوني، الحزن على بابي بيدق يا أحبابي، برة الهدوم دي أنا كنت عايش، ولا النهاردة راح أعيش خايف إن راتوني تنكروني، وفي المنام حتى ماتجونيش".
في عام 2013، بدأ عمرو وردة طريق الخروج عن النص في معسكر المنتخب المصري للشباب مع ربيع ياسين، المدير الفني وقتها، والذي استبعده من المعسكر بعدما تردد في وسائل الإعلام، أخبار عن اعتدائه على فتاة فرنسية واقتحام غرفتها في فندق الغقامة، وأبلغت الفتاة الأمن على الفور، وفقًا لما تردد حينذاك، خاصة وأن المدرب كان يرغب في فرض حالة من الالتزام على معسكر الفراعنة وقتها.
وواصل اللاعب إثارة الجدل بالأوساط الرياضية في البرتغال، ووجهت له اتهامات بالتحرش بزوجة أحد زملائه في فريق فيرينسى، وفقًا لما ذكرت صحيفة ريكورد البرتغالية، قبل أن يستغني عنه النادي، رغم نفي وردة ذلك، إلا أنه أضاف إلى سجله ازمة جديد من خلال التحرش بعارضة أزياء مصرية، أثناء تواجده في معسكر منتخب مصر ببطولة كأس الأمم الأفريقية الحالية، وهي القشة التي قصمت ظهر البعير، وأدت لاستبعاده من قائمة الفراعنة.
مع جميع تلك الاتهامات، وقف مدحت وردة، نجم فريق سلة الاتحاد السكندري السابق ووالد "عمرو"، في وجه جميع الاتهامات التي وجهت لابنه، مؤكدا أنه مظلوم وتعرض للخدعة، بالإضافة إلى لاعبون وقريبون من مجال كرة القدم، أكدوا أن اللاعب لازال قليل الخبرة وصغير السن وتصرفاته طبيعية، رغم خروج اللاعب باعتذار رسمي عنها، وهو ما فعله "الشيخ بدار" والد "وردة"، الذي ساعدها في تحقيق حلمها متحديا كل العادات والتقاليد، ورأى أنه لها الحق في عيش الحياة التي تختارها، وأنها لا تستحق كل ما قيل عنها من عائلتها، أيضا شقيقها الذي ظل يبحث عنها وتمتزج بداخله مشاعر الانتقام من "الفضيحة" ويسعى لقتلها، و"لم الشمل" مع شقيقته الوحيدة.
ليحضر في الموقفين المتشابهين أغنية: "بدور عليكى بدور عليكى في كل الوشوش، يا وش الملايكة يا قلب الوحوش، آهين على اللي فات الديار وخلف لي في القلب عار، يا وردة يا زارعة في قلبي الشكوك عبير الحبايب ساعات كله شوك، وماشي بادور أظلم وأنور ووشك يحير، أخاف لو قابلته في يوم معرفوش، يا وش الملايكة يا قب الوحوش".
مع الأزمات المتتالية التي تواجه عمرو وردة، بات اللاعب يشعر كأنه في سجن بدون أسوار من فرط الهجوم عليه، وهو ما عاناه "البدري بدار"، شقيق "وردة"، الذي عانى اتهامات من قبيلته بالتفريط في حقوقهم وعاداتهم، قبل أن يسجن بتهمة باطلة، وهي قتل شيقته الهاربة، ليحضر في الموقف الأغنية الشهيرة بالمسلسل وتقول كلماتها: "السجن مش أحجار ولا أسوار ولا قضبان، وأنا مش لازمني زنزانات ولا باب ولا سجان، أنا سجني جوايا تنوره دموعي، زنزنتي في قلبي قضباني في ضلوعي، أنا لا قتلت الوردة ولا دوست على بستان، أنا قتلتني ورده كان عطرها أحزان، مش عاوز أقول مظلوم، أنا عاوز أقول متهان، أنا ياناس متهوم، ميت بلا أكفان، محبوس في حكاية، وسجني جوايا".
أزمات اللاعب تقاربت مع أحداث المسلسل التراثي، حسب المطالبات باستبعاد اللاعب من بطولة الأمم الأفريقية وهو ما صدر به قرار رسمي ليصبح "وردة مش في الكان"، في حين دافع البعض عنه خاصة مع اعتذاره رسميا، مع دعوات بالتزامه في أداء مهامه بالملعب وأن يبقي على "وش الملايكة" البادي عليه ويتخلى عن "قلب الوحش" الذي ظهر في أزماته الأخيرة.
تعليقات الفيسبوك