يوماً بعد آخر من أيام مونديال السامبا تثبت كرة القدم أنها «لعبة العجائب»، وتزيدنا انجذاباً لسحرها الذى لا يتوقف عن التوهج، فبنجاح المنتخبات الصغيرة فى قلب النتائج على حساب المنتخبات الكبيرة، تثبت بطولة كأس العالم الحالية أن اللعبة الشعبية الأولى فى العالم لا تعترف إلا بالجهد داخل الملعب، وأن كل من يتكهن بنتيجة مباراة قبل بدايتها يقدم اجتهاداً، لكن الوضع فى الملعب يكون مختلفاً، وأن كرة القدم لا تعترف بالأسماء.
وجاءت مباراة البرتغال وأمريكا لتكون خير دليل على ما قلته، فالمنتخب البرتغالى يملك نجوماً كباراً لكنهم ظهروا لا حول لهم ولا قوة أمام المنتخب الأمريكى الذى قاتل داخل الملعب حتى الدقيقة الأخيرة ونجح فى تحويل تأخره بهدف إلى فوز، قبل أن تدرك البرتغال التعادل فى النهاية.
فرغم وجود لاعبين بحجم كريستيانو رونالدو ولويس نانى وإيدر لوبيز، وما يمتلكونه من قدرات بدنية وفنية عالية يبقى أداء البرتغال غير مقنع، وجعلها لا تستحق التأهل إلى دور الـ16، من وجهة نظرى، ورغم أنه كان من أقوى المرشحين للفوز والتأهل للدور الثانى، لكن الأداء الغريب وعدم قدرة المدرب باولو بينتو، على استغلال اللاعبين كان سبباً فى الأداء الهزيل للبرتغال.
وبالنسبة لى كان أداء كريستيانو رونالدو علامة استفهام كبيرة، حتى إنك أحياناً كنت لا تشعر بوجوده فى الملعب، وتفسير ذلك يعود لسببين؛ الأول أنه متأثر بالإصابة التى عانى منها فى ركبته مع نهاية الموسم فى ريال مدريد، والثانى أنه لا يجد من يساعده، وهو ما يثبت أن كرة القدم لعبة جماعية، فرغم أن المهارة تستطيع حسم مباريات مثلما فعل «ميسى» مع الأرجنتين أمام إيران، فإنها لا يمكنها التفوق دائماً، فى حين تتفوق الجماعية فى الغالب.
أما المنتخب الأمريكى فاستحق احترام الجميع بعدما اجتهد طوال المباراة، ونجح فى تنفيذ فكر مدربه يورجن كلينسمان، الذى اعتمد على القوة البدنية التى يتميز بها لاعبوه ومنحتهم ميزة إضافية إلى جانب الالتزام التكتيكى ليقتنص تعادلاً قرَّبه نسبياً من التأهل للدور الثانى بعدما رفع رصيده إلى 4 نقاط.
وأرى المنتخب الأمريكى، الذى يمتلك فنيات ضعيفة، من أقوى المرشحين للتأهل لدور الـ16 مع المنتخب الألمانى، لكن يبقى المنتخب الغانى الفريق القوى العنيد لديه فرصة هو الآخر للتأهل فى حال فوزه على البرتغال فى المباراة الثالثة.
وفى مباراة أخرى، نال المنتخب الجزائرى احترام العالم، ويجب أن أوجه له تحية تقدير واحترام على الأداء المشرف الذى حطَّم جميع التوقعات، وبات من أقوى المرشحين للتأهل مع المنتخب البلجيكى عن المجموعة الثامنة.
ونجح منتخب الجزائر فى فرض أسلوبه خلال الشوط الأول وهو ما منحه الأفضلية للفوز، ورغم التراجع البدنى فى الشوط الثانى أمام السرعات التى يتميز بها لاعبو المنتخب الكورى، فإن المنتخب الجزائرى هو أقوى المرشحين، وعليه أن يظهر بنفس الأداء القوى خلال مباراة روسيا المقبلة لضمان تأهله رسمياً إلى الدور الثانى فى إنجاز سيكون تاريخياً لكل العرب.
وما حدث من «الخضر» يبرهن أيضاً على أن كرة القدم لا تعترف بالتوقعات التى خيبتها الجزائر بالفوز على كوريا، فمبروك للجزائر والشعب الجزائرى وأتمنى لهم التوفيق فى باقى مشوار المونديال.
تعليقات الفيسبوك