رئيس مجلس الادارة:

د.محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

نجوى مصطفى

نجوى مصطفى

«سوشيال ميديا» الأهلي.. البند رقم 1 في عقود اللاعبين

كان العالم حينها يستعد لاستقبال العام الجديد، الأعياد بدأت في أوروبا وأمريكا، بابا نويل تجهّز لإجراء جولة يُقدّم فيها الهدايا، وعاملي الفنادق والمتنزهات شحنوا طاقتهم لساعات العمل الطويلة، وبينما يحاول الصحفيون رصد تلك الأجواء، هبط عليهم خبر انتقال كريستيانو رونالدو إلى النصر السعودي كالزلزال، ليُربك الحسابات، ويعيد ترتيب الأخبار عبر كل الشاشات ليتصدرها وجود "الدون" في المملكة.

لم يكن كثيرون يصدّقون المبلغ الخرافي الذي تعاقدت به الرياض مع صاروخ ماديرا لمدة عامين، إذ بلغ 200 مليون يورو في الموسم الواحد، ما جعله الأعلى دخلًا بين جميع لاعبي كرة القدم، ورغم اعتراض البعض على تلك الصفقة، وتوقع أنها لن تُثمر رياضيًا على الأقل، كان البعض الآخر يقول أن الصفقة ليست رياضية أصلًا، بل يُمكن اعتبار كرة القدم آخر البنود التي تم الاتفاق عليها مقابل بنود أخرى أهم، وهي القدرة الإعلانية لكريستيانو رونالدو.

نعم، تعاقد النصر مع كريستيانو، كان تعاقد مع أكبر وكالة إعلانية في الوقت الحاضر، وكالة يبلغ قيمة المنشور الواحد عبرها 1.5 مليون يورو، وتحظى بمتابعة أكثر من 600 مليون شخص حول العالم ما يجعلها تفوق كافة الوكالات العالمية مجتمعة، وهو ما ظهر بعد توقيع الصفقة بساعات قليلة، فحساب النصر عبر إنستجرام، كان يتابعه 884 ألف شخص فقط، وخلال 3 أيام فقط بعد انضمام رونالدو، وصل إلى 9 ملايين متابع قبل أن يصل إلى 22 مليون و600 ألف متابع مع نهاية 2023، وفي نفس المدة تضاعف حساب النصر عبر تويتر إذ وصل إلى 4.2 مليون متابع، بجانب 4.5 متابع عبر فيس بوك، ناهيك عن المشاهدات التي وصلت إلى نحو مليار مشاهدة عبر كل المنصات لفيديو التقديم.

تلك الأرقام تمت ترجمتها فورًا إلى مكاسب حققها نادي النصر، فسرعان ما انضم إلى قائمة أكثر الأندية متابعة في العالم مع ريال مدريد وبرشلونة، وبات النادي السعودي هو الأول عربيًا وفقًا لتصنيف 2024، إذ بات يحظى بأكثر من 54 مليون متابع عبر الشبكات الاجتماعية، بجانب الطفرة التسويقية للفريق إذ بلغت في نهاية 2023 نحو 71 مليون يورو ليكون أغلى الأندية الآسيوية، وبالنسبة لمبيعات قميص رونالدو، فقد بلغت 240 مليون ريال في يومين فقط من إعلان الصفقة.

المكاسب لم تنتهي بعد، فبوجود كريستيانو مع النصر، أصبح قميص النادي السعودي هو المنافس العربي الوحيد لقمصان الأندية الأوروبية من حيث عقود الرعاية وفقًا لقائمة "ماركا" الإسبانية لأعلى 50 نادي في العالم، إذ حصل النصر على 10 مليون دولار من عقد رعاية شركة "نايكي"، إضافة إلى رعايات أخرى أوصلت الرقم إلى 23 مليون دولار سنويًا، وهو ما يجعل خزانة "النصر" دائمًا ممتلئة.

ما سبق يُثبت أن السوشيال ميديا لم تعد دلالة على الجماهيرية والشعبية الكبيرة فقط، ولكنها باتت ركن أساسي في تعاقدات الأندية، ويُفرد لها بنود مستقلة في عقود اللاعبين، إذ كلما زادت المكاسب زادت قيمة العقد أيضَا، وإن كان ذلك حدث مع لاعبين مثل رونالدو ونيمار وميسي بأشكال متفاوتة، فإنه يحدث الآن أيضًا مع النادي الأهلي لكن بصورة مختلفة لن أبالغ حين أقول أنها أكثر استدامة ومؤسسية، لأن اللاعبين السابقين هم في النهاية أفراد، لكن في القلعة الحمراء تتعلق بالفريق نفسه.

ولتوضيح الصورة اكثر، فمنذ أيام تعاقد نادي نيس الفرنسي مع لاعب الأهلي السابق محمد عبد المنعم، وكانت حساب النادي الفرنسي عبر فيس بوك قبل الصفقة لا يتخطى 500 ألف متابع، لكنه بفضل جمهور القلعة الحمراء قفز إلى مليون متابع في أيام قليلة، ناهيك عن حجم التفاعلات التي أجبرت "أدمن" منصات "نيس" إلى الإكثار من المنشورات التي تغازل المصريين أملًا في الوصول إلى أقصى "ريتش" ممكن.

بالطبع لا يحدث هذا حبًا في اللاعب الأهلاوي فقط، لكن يُدرك نادي نيس أنه كلما زادت أرقام منصاته ومتابعيه وحجم التفاعل، فإن ذلك سينعكس على قيمة عقود الرعاية، وقيمة البث التلفزيوني وبيع قمصانه وما إلى ذلك من أشياء تتحول كلها إلى أرقام ضخمة تدخل خزائن النادي الفرنسي.

وإذا كان الأهلي هو النادي العربي الوحيد الذي تمكّن من منافسة النصر بوجود كريستيانو رونالدو، فبدون صفقات بأرقام فلكية، احتل الأهلي المرتبة الـ18 عالميًا في قائمة أكثر الأندية متابعة في العالم بنصيب 51 مليون متابع على الشبكات الاجتماعية، كما احتل المركز الثاني عربيًا خلفا للنصر والأول إفريقيًا، أقول إذا كانت تلك هي قوة الأهلي وجماهيره، فالسؤال هل يتم استغلال تلك القوة جيدًا.

على حد علمي، يستغل النادي الأهلي قوة جماهيره وشعبيته في أكثر من جانب، وهذا ما جعل السوشيال ميديا ثاني أكبر دخل يدخل للقلعة الحمراء سنويًا، والمقصود أن الجماهيرية تنعكس على عقود الرعاية وحجم الإعلانات وما إلى ذلك، لكن على حد علمي أيضًا لم يستغل الأهلى قوة جماهيره في صفقات بيع لاعبيه، وإذا كان كريستيانو أو نيمار أو غيرهم، يضعون جماهيريتهم في المقام الأول، ويحصلون مقابل ذلك على القيمة الأكبر بصرف النظر عن ما يُمكن أن يقدموه داخل الملعب، فهل يتبع الأهلي نفس القاعدة باعتبارها صارت عالمية، أي لا يقيّم لاعبيه فقط وفقًا لجودتهم وما يُمكن أن يقدمه، بل يُقيم أيضًا الشعبية التي ستنتقل إلى النادي الذي سينضم إليه لاعب من الأهلى، وبناء على ذلك تتم الصفقة وفقًا للسعر العادل؟