رئيس مجلس الادارة:

د.محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

محمد يحيى

محمد يحيى

فخر العرب الحقيقي

لماذا لا نفعل شيئاً أو نتناقش دون خناق؟ لماذا يجب أن يصنف بعضنا البعض؟ لماذا نكره الخير لبعض؟، كل تلك الأسئلة دارت فى ذهنى أثناء متابعة «الخناقة» الدائرة على السوشيال ميديا، بين المعجبين بأداء رياض محرز مع منتخب الجزائر، والمبهورين بتواضع ساديو مانى مع جماهير السنغال، والمصريين المحروقين على محمد صلاح.

لماذا لا يكون لدينا 30 «صلاح» و30 «محرز» و30 «مانى»؟، لماذا فى ظل عشقنا لمحمد صلاح وتمنياتنا له دائماً بالنجاح والتوفيق نكره لـ«محرز» أن يكون بطلاً لأفريقيا، طالما أن منتخب مصر ودّع البطولة؟ «فخر العرب الحقيقى» صراع كبير افتعله أطفال السوشيال ميديا بين «صلاح» و«محرز»، فيجب أن نحدد الهوية فى البداية، نحن مصريون ثم عرب ثم أفارقة، من الطبيعى أن ننحاز لـ«صلاح»، الذى سطّر تاريخاً لن يُمحَى، وكتب اسمه كأفضل لاعب مصرى وضمن أفضل اللاعبين على مستوى العرب وأفريقيا، ولكن ليس معنى ذلك أن نكره «محرز» وألا نفخر بما يقدمه مع منتخب الجزائر.

«صلاح» و«محرز» فخر للعرب، لا يوجد بينهما فخر للعرب حقيقى وآخر مزيف، يجسدان معاً مثالاً للشاب العربى الناجح المحب لوطنه، والذى عانى من ظروف صعبة حتى وصل كل منهما إلى مكانة لم يصل إليها غيرهما.

«محرز» نجح فى الفوز بالدورى الإنجليزى مع ليستر سيتى ونال جائزة أفضل لاعب فى نفس الموسم بإنجلترا، وحصد جائزة أفضل لاعب أفريقى، وفى الموسم التالى فاز صلاح بجائزة أفضل لاعب أفريقى عن إنجازاته مع روما الإيطالى، قبل أن ينتقل إلى إنجلترا ويحصد لقب هداف الدورى الإنجليزى وأفضل لاعب فى الدورى وأفضل لاعب فى أفريقيا للمرة الثانية على التوالى، وهذا الموسم صلاح خرج هدافاً للدورى الإنجليزى بالتساوى مع مانى السنغالى وأوباميانج الجابونى، وبالمناسبة هم جميعاً فخر لأفريقيا، فيما حصد «محرز» لقب الدورى الإنجليزى مع مانشستر سيتى. وبدلاً من أن يكون فخراً لنا أن نسيطر بهويتنا المصرية على كل تلك الألقاب مجسدة فى صلاح، يجب أن نفخر بزيادة ألقابنا بفضل هويتنا العربية، بـ«صلاح» مع «محرز»، وزيادتها أكثر بفضل هويتنا الأفريقية من خلال «صلاح ومحرز ومانى وأوباميانج»، فهم فخر مصر والعرب وأفريقيا.

صلاح قصة كفاح بمشواره من بسيون على مدار خمس ساعات يومياً للسفر إلى ناديه المقاولون العرب لخوض التدريبات، ورغم كل الإحباطات التى تعرض لها ومحاولات تثبيطه، رحل إلى بازل فى سويسرا وتغلب على كل مشكلات المحترفين المصريين المتمثلة فى اللغة والتعايش مع الأجانب كشعب وكسلوك احترافى فى التعامل بل وفرض نفسه بأسلوبه الراقى كنجم فى سماء سويسرا، قبل أن ينتقل لإنجلترا عبر تشيلسى وتعثر مع مورينيو الذى جعله جليساً لدكة البدلاء قبل أن يطلق سراحه إلى إيطاليا فى تجربة قال عنها البعض إنها بداية النهاية لكن بإرادته وعزيمته حوّلها لقصة كفاح وصل من خلالها للقمة بانتقاله إلى روما ثم منه إلى ليفربول.

«محرز» هو الآخر لديه قصة ملهمة، فوالده توفى مبكراً وتركه لأمه المغربية الأصل، فعملت خادمة فى المنازل حتى توفر له حياة هو وشقيقه، ورغم ذلك لم يفرط فى حلمه، ولم ينحرف، بل أراد أن يكون محترفاً، فبدأ فى نادى كويمبر ثم منه إلى لوهافر الذى تألق معه ولفت الأنظار قبل أن يشد الرحال إلى ليستر سيتى الذى قدمه للعالم بشكل جديد، قبل أن ينتقل إلى مانشستر سيتى الذى تصارع مع برشلونة الإسبانى لضمه، وفى موقف يدل على احتفاظه بأصوله العربية والقيم الإسلامية، اصطحب والدته معه فى المؤتمر الصحفى الخاص بتوقيع العقد والإعلان عن انتقاله إلى السيتى.

صلاح ومحرز فخر العرب، تلك هى القصص التى يجب أن تروى عن الثنائى العربى الذى شرف الأمة بعملهما وجهدهما وتحدى كل الصعاب الحقيقية التى يواجهانها فى الغربة، والعنصرية التى تقف دائماً أمامهما بسبب كونهما عربيين وأفريقيين.

من حقك أن تغضب لخروج مصر من كأس الأمم، ولكن لا تغضب من صلاح الذى كنت تعلق عليه كل أملك فى البطولة، ولا تنسَ أنك كنت تهلل له وهو يجعلك تسير مرفوع الرأس قبل أيام قليلة بعد قيادته ليفربول للفوز بلقب دورى أبطال أوروبا، وسنهلل له فى الموسم المقبل عندما يتوج بالمزيد من الألقاب التى تجعله فخر مصر والعرب وأفريقيا مثله مثل محرز.